٣. ( تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا ) ، هذا الوصف يجسّد ظاهر حالهم وانّهم منهمكون في العبادة ، فلذلك يقول : ( تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا ) ، أي تراهم في عبادة ، التي هي آية التسليم لله سبحانه.
ومع ذلك لا يبتغون لعبادتهم أجراً وإنّما يأملون فضل الله ، كما يقول : ( يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللهِ وَرِضْوَانًا ) ، ولعل القيد الأخير إشارة إلى أنّ الحافز لأعمالهم هو كسب رضاه سبحانه.
ومن علائمهم الأُخرى انّ أثر السجود في جباههم ، كما يقول : ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) فسيماهم ووجوههم تلمح إلى كثرة عبادتهم وسجودهم وخضوعهم لله سبحانه ، وهذه الصفات مذكورة أيضاً في الإنجيل.
إنّ أصحاب محمد لم يزالوا يزيدون باطّراد في العدة والقوة وبذلك يغيظون الكفار ، فهم كزرع قوي وغلظ وقام على سوقه يعجب الزارعين بجودة رشده.
ولم يزالوا في حركة دائبة ونشيطة ، فمن جانب يعبدون الله مخلصين له الدين بلا رياء ولا سمعة ، ومن جانب آخر يجاهدون في سبيل الله بغية نشر الإسلام ورفع راية التوحيد في أقطار العالم.
فعملهم هذا يغيظ الكفار ويسرّ المؤمنين ، قال سبحانه : ( وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ).
فالمجتمع الإسلامي بإيمانه وعمله وجهاده وحركته الدؤوبة نحو التكامل يثير إعجاب الأخلاّء وغيظ الألدّاء.
ثمّ إنّه سبحانه وعد طائفة خاصة من أصحاب محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم مغفرة وأجراً