عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَٰذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الخَبِيرُ ) (١).
وهذه الآية على اختصارها تشتمل على مطالب :
١. انّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أسرّ إلى بعض أزواجه حديثاً ، كما يقول سبحانه : ( وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا ) ، وأمّا ما هو السر الذي أسرّه إليها فغير واضح ، ولا يمكن الاعتماد بما ورد في التفاسير من تحريم العسل على نفسه وغيره.
٢. انّ هذه المرأة التي أسرّ إليها النبي لم تحتفظ بسره وأفشته ، فحدّثت به زوجة أُخرى ، كما يقول سبحانه : ( فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ ) ، والمفسرون اتفقوا على أنّ الأولىٰ منهما هي حفصة والثانية هي عائشة.
وبذلك أساءت الصحبة وأفشت سر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، مع أنّ واجبها كان كتم هذا السر.
٣. انّه سبحانه أخبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم به ، كما يقول سبحانه : ( وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ ) أي أطلعه الله عليه.
٤. انّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عرّف حفصة ببعض ما ذكرت وأعرض عن ذكر كلّ ما أفشت ، وكان صلىاللهعليهوآلهوسلم قد علم جميع ذلك ولكنّه أخذ بمكارم الأخلاق ، فلم يذكر لها جميع ما صدر منها ، والتغافل من خلق الكرام ، وقد ورد في المثل : « ما استقصى كريم قط ».
٥. لما أخبر رسول الله حفصة بما أظهره الله عليه سألت ، وقالت : من أخبرك بهذا ؟ فأجاب الرسول : نبّأني العليم الخبير ، كما يقول سبحانه : ( فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ
__________________
(١) التحريم : ٣.