فقال أبو أسد الجمحي : أنا أكفيكم سبعة عشر ، عشرة على ظهري ، وسبعة على بطني ، فأكفوني أنتم اثنين ، فنزلت هذه الآية : ( وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاَّ مَلائِكَةً ) ، أي جعلنا أصحاب النار ملائكة أقوياء مقتدرون وهم غلاظ شداد ، يقابلون المذنبين بقوة ، وهم أمامهم ضعفاء عاجزون ، ويكفي في قوتهم انّه سبحانه يصف واحداً منهم بقوله : ( عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَىٰ ) (١).
فالكفّار ما قدروا الله حقّ قدره وما قدروا جنود ربّهم ، وظنوا انّ كلّ جندي من جنوده سبحانه يعادل قوة فرد منهم.
ثمّ إنّه سبحانه يذكر الوجوه التالية سبباً لجعل عدتهم تسعة عشر :
١. ( فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا ).
٢. ( لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ).
٣. ( يَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا ).
٤. ( لا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالمُؤْمِنُونَ ).
٥. ( وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللهُ بِهَٰذَا مَثَلاً ).
وإليك تفسير هذه الفقرات :
أمّا الأُولى : فيريد انّه سبحانه لم يجعل عدتهم تسعة عشر إلاّ للإفتتان والاختبار ، قال سبحانه : ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ) أي يختبر بهم الإنسان ، فجعل عدتهم تسعة عشر يختبر بها الكافر والمؤمن ، فيزداد الكافر حيرة واستهزاءً ويزداد المؤمن إيماناً وتصديقاً ، كما هو حال كلّ ظاهرة تتعلق بعالم الغيب. يقول سبحانه : ( وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَٰذِهِ
__________________
(١) النجم : ٥ ـ ٦.