واليهود بالقرآن ، وقالوا : هذا سحر مبين ، تقوّله ، فقال الله : ( الم * ذَٰلِكَ الْكِتَابُ ) أي يا محمّد هذا الكتاب الذي أنزلته إليك هو الحروف المقطعة التي منها ( الم ) وهو بلغتكم وحروف هجائكم ، فأتوا بمثله إن كنتم صادقين ، واستعينوا بذلك بسائر شهدائكم ، ثمّ بيّن أنّهم لا يقدرون عليه بقوله : ( لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ) (١) » (٢).
وبه قال أبو مسلم محمد بن بحر الاصفهاني ( ٢٥٤ ـ ٣٢٢ ه ) من كبار المفسرين ، حيث قال : إنّ الذي عندنا أنّه لما كانت حروف المعجم أصل كلام العرب وتحدَّاهم بالقرآن وبسورة من مثله ، أراد أنّ هذا القرآن من جنس هذه الحروف المقطعة تعرفونها وتقتدرون على أمثالها ، فكان عجزكم عن الإتيان بمثل القرآن وسورة من مثله دليلاً على أنّ المنع والتعجيز لكم من الله على أمثالها ، وانّه حجّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال : وممّا يدل على تأويله أنّ كلّ سورة افتتحت بالحروف التي أنتم تعرفونها ، بعدها إشارة إلىٰ القرآن ، يعني أنّه مؤلف من هذه الحروف التي أنتم تعرفونها وتقدرون عليها ، ثمّ سأل نفسه ، وقال : إن قيل لو كان المراد هذا لكان قد اقتصر الله تعالى على ذكر الحروف في سورة واحدة ؟ فقال : عادة العرب التكرار عند إيثار إفهام الذي يخاطبونه (٣).
واختاره الزمخشري ( ٤٦٧ ـ ٥٣٨ ه ) في تفسيره ، وقال : واعلم أنّك إذا تأملت ما أورده الله عزّ سلطانه في الفواتح من هذه الأسماء وجدتها نصف أسامي حروف المعجم : ١٤ سواه ، وهي : الألف واللام والميم والصاد والراء والكاف والهاء والياء
__________________
(١) الأسراء : ٨٨.
(٢) تفسير البرهان : ١ / ٥٤ ، تفسير الآية الثالثة من سورة البقرة برقم ٩.
(٣) تاريخ القرآن للزنجاني : ١٠٦.