وأمّا وصف القرآن بالحكيم ، فلأنّه مستقرٌ فيه الحكمة ، وهي حقائق المعارف وما يتفرع عليها من الشرائع والعبر والمواعظ. (١)
٢. ( ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ * بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ * كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ فَنَادَوا وَّلاتَ حِينَ مَنَاصٍ ).
وصف القرآن بكونه ( ذِي الذِّكْرِ ) كما وصفه في الآية السابقة بكونه ( حَكِيمًا ) ووصفه تارة ثالثة ب ( المَجِيدُ ) ، والمراد بالذكر هو ذكر ما جُبل عليه الإنسان من التوحيد والمعاد.
قال الطبرسي : فيه ذكر الله وتوحيده وأسماؤه الحسنىٰ وصفاته العلىٰ ، وذكر الأنبياء ، وأخبار الأُمم ، وذكر البعث والنشور ، وذكر الأحكام وما يحتاج إليه المكلّف من الأحكام ويؤيده قوله : ( مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ) (٢).
قال الطباطبائى في تفسيره : المراد بالذكر ذكر الله تعالى وتوحيده وما يتفرّع عليه من المعارف الحقّة من المعاد والنبوة وغيرهما.
ويؤيد ذلك إضافة الذكر في غير واحد من الآيات إلى لفظ الجلالة ، قال سبحانه : ( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ ) (٣) وقال : ( اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللهِ ) (٤) إلى غير ذلك.
وأمّا المقسم عليه : فمحذوف معلوم من القرينة ، هو أنّك لمن المنذرين ، ويدل على ذلك التنديد بالذين كفروا وانّهم في عزّة وشقاق ، أي في تكبّر عن قبول
__________________
(١) تفسير الميزان : ١٧ / ٦٢.
(٢) مجمع البيان : ٨ / ٤٦٥.
(٣) الحديد : ١٦.
(٤) المجادلة : ١٩.