الأوّل : الدهر والزمان.
الثاني : العصر مقابل الغداة.
ولا يناسب المعنى الثالث ، أعني : الضغط ، ولا الرابع كما هو واضح.
وإليك بيان المعنيين الأوّلين.
١. العصر : الدهر ، وإنّما حلف به لأنّ فيه عبرة لذوي الأبصار من جهة مرور الليل والنهار ، وقد نسب ذلك القول إلى ابن عباس والكلبي والجبائي.
قال الزمخشري : وأقسم بالزمان لما في مروره من أصناف العجائب (١).
ولعلّ المراد من الدهر والزمان اللّذين يفسرون بهما العصر هو تاريخ البشرية ، وذلك لأنّه سبحانه جعل المقسم عليه كون الإنسان لفي خسر إلاّ طائفة خاصة ، ومن المعلوم أنّ خسران الإنسان انّه هو من تصرم عمره ومضي حياته من دون أن ينتفع بأغلىٰ رأس مال وقع في يده ، وقد نقل الرازي هنا حكاية طريفة نأتي بنصها :
قال : وعن بعض السلف ، تعلمت معنى السورة من بائع الثلج كان يصيح ، ويقول : ارحموا من يذوب رأس ماله ، ارحموا من يذوب رأس ماله ، فقلت : هذا معنى أنّ الإنسان لفي خسر يمرّ به العصر فيمضي عمره ولا يكتسب فإذا هو خاسر (٢).
٢. العصر : أحد طرفي النهار ، وأقسم بالعصر كما أقسم بالضحىٰ ، وقال : ( وَالضُّحَىٰ * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ ) (٣) كما أقسم بالصبح ، وقال : ( وَالصُّبْحِ إِذَا
__________________
(١) الكشاف : ٣ / ٣٥٧.
(٢) تفسير الفخر الرازي : ٣٢ / ٨٥.
(٣) الضحى : ١ ـ ٢.