لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ) (١).
والمهم بيان الفرق بين الضلالة والغواية ، فنقول :
ذكر الرازي أنّ الضلال أن لا يجد السالك إلى مقصده طريقاً أصلاً ، والغواية أن لا يكون له طريق مستقيم إلى المقصد ، يدلّك على هذا انّك تقول للمؤمن الذي ليس علىٰ طريق السداد ، انّه سفيه غير رشيد ، ولا تقول إنّه ضال. والضال كالكافر والغاوي كالفاسق (٢).
وإلى ذلك يرجع ما يقول الراغب : الغيّ جهل من اعتقاد فاسد ، وذلك أنّ الجهل قد يكون من كون الإنسان غير معتقد اعتقاداً لا صالحاً ولا فاسداً ، وقد يكون من اعتقاد شيء ، وهذا النحو الثاني ، يقال له : غيّ (٣).
وعلى هذا فالآية بصدد بيان نفي الضلالة والغي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وردّ كلّ نوع من أنواع الانحراف والجهل والضلال والخطأ عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم ليردّ به التهم الموجهة إليه من جانب أعدائه.
وأمّا بيان الصلة بين المقسم به والمقسم عليه فواضح ، لما ذكرنا من أنّ النجم عند الهوي والميل يهتدي به الساري كما أنّ النبي يهتدي به الناس ، أي بقوله وفعله وتقريره.
فكما أنّه لا خطأ في هداية النجم لأنّها هداية تكوينية ، وهكذا لا خطأ في هداية الوحي الموحى إليه ، ولذلك قال : ( إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَىٰ ).
__________________
(١) الأعراف : ١٤٦.
(٢) تفسير الفخر الرازي : ٢٨ / ٢٨٠.
(٣) مفردات الراغب : ٣٦٩.