وأمّا ذكر الكتاب ، فانّ الأنبياء كان لهم في هذه الأماكن مع الله تعالى كلام ، والكلام في الكتاب واقترانه بالطور أدلّ دليل على ذلك ، لأنّ موسى عليهالسلام كان له مكتوب ينزل عليه وهو بطور.
وأمّا ذكر السقف المرفوع ومعه البيت المعمور ليعلم عظمة شأن محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم (١).
وأمّا المقسم عليه فهو قوله : ( إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَّا لَهُ مِن دَافِعٍ ) (٢).
وأمّا وجه الصلة بين المقسم به علىٰ تعدّده والمقسم عليه ، هو انّ المقسم عليه عبارة عن وقوع العذاب لا محالة وعدم القدرة على دفعه ، فإذاً ناسب أن يقسم بالكتاب أي القرآن والتوراة اللّذين جاء فيهما أخبار القيامة وحتميتها.
كما ناسب أن يحلف بمظاهر القدرة وآيات العظمة كالسقف المرفوع والبحر المسجور حتى يعلم أنّ صاحب هذه القدرة لقادر على تحقيق هذا الخبر ، وهو عبارة عن أنّ عذابه لواقع وليس له دافع.
ويكفيك في بيان عظمة البحار أنّها تشغل حيّزاً كبيراً من سطح الأرض يبلغ نحو ثلاثة أرباعه ، وتختلف صفات الماء عن الأرض ، بسهولة تدفقه من جهة إلى أُخرىٰ ، حاملاً الدفء أو البرودة ، وله قوة انعكاس جيدة لشعاع الشمس ، ولذا فانّ درجة حرارة البحار لا ترتفع كثيراً أثناء النهار ، ولا تنخفض بسرعة أثناء الليل فلا تختلف درجة الحرارة أثناء الليل عن النهار بأكثر من درجتين فقط.
ويقول أحد العلماء : إنّ البحر يباري الزمان في دوامه ، ويطاول الخلود في
__________________
(١) تفسير الفخر الرازي : ٢٨ / ٢٤٠.
(٢) الطور : ٧ ـ ٨.