ينتصبون ، وصافُّون لا يتزايلون ، ومسبِّحون لا يسأمون ، لا يغشاهم نومُ العين ، ولا سهو العقول ، ولا فترة الأبدان ، ولا غفلة النِّسيان ، ومنهم أُمناءُ على وحيه ، وألسنة إلى رُسُله ، ومختلفون بقضائه وأمره ، ومنهم الحفظةُ لعباده والسَّدنَة لأبواب جنانه ، ومنهم الثابتة في الأرضين السُّفلى أقدامُهُم ، والمارقةُ من السماء العليا أعناقُهُم ، والخارجة من الأقطار أركانُهم ، والمناسبة لقوائم العرش اكتافهم. ناكسة دونه أبصارهم ، متلفِّعون تحته بأجنحتهم ، مضروبة بينهم وبين من دونهم حُجُب العزَّة وأستار القدرة ، لا يتوهَّمون ربَّهم بالتَّصوير ، ولا يجرون عليه صفات المصنوعين ، ولا يحدُّونه بالأماكن ، ولا يُشيرون إليه بالنَّظائر (١).
وقد عرفت أنّ المقسم عليه هو كتبعثن ، وأمّا الصلة بين المقسم به والمقسم عليه ، هو ما قدمناه في الفصل السابق وهي انّ الملائكة هم وسائط التدبير وخلق العالم وتدبيره لم يكن سدىٰ ولا عبثاً بل لغاية خاصة وهو عبارة عن بعث الناس ومحاسبتهم وجزائهم بما عملوا.
__________________
(١) نهج البلاغة : ١٩ ـ ٢٠ ، الخطبة الأُولى.