أشرف بيوت الله ، ويزيد علىٰ شرفه انّ النبي الخاتم ، قطين هذا البلد ، ونزيله ، فزاده شرفاً علىٰ شرف ، والحل هو الساكن.
وبذلك يعلم أنّ ذكره صلىاللهعليهوآلهوسلم بهذا النحو هو في الواقع حلف ضمنيّ به.
وهذا التفسير مبني على أنّ المراد من الحلِّ هو نزول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بهذا البلد ، ولكن ربما يفسر بالمستحلّ ، أي من استحلت حرمته وهتكت كرامته ، وعند ذلك ينقلب معنى الآية إلىٰ شيء آخر ، ويكون معناها هو : لا أُقسم بهذا البلد المقدّس حال انّك مهتوك الحرمة والكرامة ، ويكون توبيخاً وتقريعاً لكفّار قريش حيث إنّهم يحترمون البلد ، ولا يحترمون من حلَّ فيه أشرف الخليقة.
وعلى ذلك فيكون « لا » في ( لا أُقْسِمُ ) بمعنى النفي لا الزيادة ، ولا بمعنى نفي شيء آخر علىٰ ما قدمناه في تفسير سورة الواقعة.
يقول الزمخشري : أقسم سبحانه بالبلد الحرام وما بعده علىٰ أنّ الإنسان خلق مغموراً في مكابدة المشاق والشدائد ، واعترض بين القسم والمقسم عليه بقوله : ( وَأَنتَ حِلٌّ بِهَٰذَا الْبَلَدِ ) يعني : ومن المكابدة أنّ مثلك على عظم حرمتك يُستحل بهذا البلد الحرام ، كما يُستحلّ الصيد في غير الحرم ، عن شرحبيل يحرّمون أن يقتلوا بها صيداً ويعضدوا بها شجرة ويستحلون إخراجك وقتلك ، وفيه تثبيت من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وبعث على احتمال ما كان يكابد من أهل مكة وتعجيب من حالهم في عداوته (٢).
وقال الطبرسي : معناه لا أقسم بهذا البلد وأنت حلّ فيه منتهك الحرمة مستباح العرض لا تحترم ، فلم يبق للبلد حرمة حيث هتكت حرمتك ، قال وهو
__________________
(١) المائدة : ٩٧.
(٢) الكشاف : ٣ / ٣٣٨.