طبع الإنسان من اتّباع الهوىٰ والانكباب على الدنيا والانقطاع بها عن شكر ربّه ، وفيه تعريض للقوم المغار عليهم ، بأنّهم كانوا كافرين بنعمة الإسلام ، وهذا على وجه يشهد الإنسان على كفران نفسه ، كما يقول : ( وَإِنَّهُ عَلَىٰ ذَٰلِكَ لَشَهِيدٌ ).
ثمّ إنّه يدلّل شهادته على ذلك بقوله : ( وَإِنَّهُ لِحُبِّ الخَيْرِ لَشَدِيدٌ ) والمراد من الخير المال.
ثمّ إنّ هذه الآيات لا تنافي ما دلت عليه آية الفطرة ، قال سبحانه : ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) (١).
وجه عدم التنافي انّ الإنسان كما جبل على الخير جبل على الشر أيضاً ، فكما ألهمها تقواها ألهمها فجورها ، وكما أنّه هداه إلى النجدين ، ولكن السعادة هو من يستخدم قوى الخير ويتجنب قوى الشر.
والحاصل انّ الآيات القرآنية على صنفين : فصنف يصف الإنسان بصفات سلبية مثل قوله : ( يَئُوسٌ ) (٢) ( ظَلُومٌ كَفَّارٌ ) (٣) ( عَجُولاً ) (٤) ( كَفُورًا ) (٥) ( أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً ) (٦) ، ( ظَلُومًا جَهُولاً ) (٧) ( كَفُورٌ مُّبِينٌ ) (٨) ( هَلُوعًا ) (٩) إلى
__________________
(١) الروم : ٣٠.
(٢) هود : ٩.
(٣) إبراهيم : ٣٤.
(٤) الإسراء : ١١.
(٥) الاسراء : ٦٧
(٦) الكهف : ٥٤.
(٧) الأحزاب : ٧٢.
(٨) الزخرف : ١٥.
(٩) المعارج : ١٩.