أمامهم فيصيرون صمّاً وبكماً وعمياً.
ثمّ إنّ الآيات القرآنية تفسر تلك الحالة النفسانية التي كانت تسود المنافقين في مهجر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث كانوا في حيطة وحذر من أن تنزل عليهم سورة تكشف نواياهم ، كما يشير إليه قوله سبحانه : ( يَحْذَرُ المُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُم بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ ) (١).
ومن جانب آخر يشاهدون تنامي قدرة الإسلام وتزايد شوكته على وجه يستطيع أن يقطع دابرهم من أديم الأرض ، يقول سبحانه : ( لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ المُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالمُرْجِفُونَ فِي المَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً * مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً ) (٢).
هذا بعض ما يمكن أن يقال حول التمثيل الوارد في حق المنافقين ، ولكن المهمَّ تطبيق هذا التمثيل على منافقي عصرنا ، فدراسة حال المنافقين في عصرنا هذا من أهم وظيفة المفسِّر ، فانّ حقيقة النفاق واحدة ، ترجع إلى إظهار الإيمان وإبطان الكفر لغاية الإضرار بالإسلام والمسلمين ، وهم يقيمون في خوف ورعب ، وفي الوقت نفسه صم بكم عمي فهم لا يرجعون.
__________________
(١) التوبة : ٦٤.
(٢) الأحزاب : ٦٠ ـ ٦١.