وسلّم لمّا همّ بقتالهم بعثوا يسألونه الرّجوع على ان يخلّوا له «مكة» من قابل ثلاثة أيّام ، فأجابهم وطلبوا كتابا بينهم فقال لعليّ عليهالسلام : اكتب «بسم الله الرّحمن الرّحيم» فقالوا ما نعرفه ، اكتب : باسمك اللهمّ ، ثم قال اكتب : هذا ما صالح عليه رسول الله فقالوا : لو نعلم انك رسول الله ما صددناك ولا قاتلناك ، اكتب «محمد بن عبد الله» فقال : اكتب ما يريدون ، فقال «عليّ» عليهالسلام : لا تنطلق يدي بمحو رسالتك ، فأخذه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ومحاه وقال له : انّ لك مثلها تعطيها وأنت مضطهد ، (١) فكتب. (فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) فاطمأنوا فصالحوهم وقابلوا سفههم بالحلم (وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى) : لا إله إلّا الله أو التسمية والإقرار برسالة «محمّد» صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وفقهم للزومها (وَكانُوا أَحَقَ) من غيرهم أو احقّاء (بِها وَأَهْلَها) عطف تفسير (وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) فيعلم انهم أهلها.
[٢٧] ـ (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا) رأى صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل خروجه الى «الحديبية» انّه وأصحابه دخلوا «مكة» آمنين محلقين ومقصرين ، فقصها عليهم ، ففرحوا وحسبوا وقوع ذلك عامهم ، فلمّا صدّوا ، قال بعضهم : ما حلّقنا ولا قصّرنا ولا دخلنا المسجد ، فنزلت.
وعن «عمر» قال : قلت له صلىاللهعليهوآلهوسلم يعني يوم الصلح : ألست كنت تحدّث انّا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال : بلى ، أنا خبرتك أن تأتيه العام؟ قلت لا ، قال : فإنك تأتيه (بِالْحَقِ) صفة مصدر محذوف أي صدقه في رؤياه صدقا متلبّسا بالحق وهو وقوعها لا محالة في القابل ، أو حال من الرّؤيا أي متلبّسة به وهو الابتلاء ليتميّز المخلص من المنافق (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ) جواب قسم مقدّر (إِنْ شاءَ اللهُ) الاستثناء حكاية قول ملك الرؤيا ، أو لتعليم الناس ، أو للإيذان بعدم دخول بعضهم لموت أو مرض (آمِنِينَ) حال من الواو (مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ) محلقا
__________________
(١) يراجع الكتاب العمدة : «في حول مسألة التحكيم في صفين».