به (أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ) علّة للنّهيين أي مخافة حبوطها فإنّ الرّفع والجهر إذا كانا استخفافا واهانة كانا كفرا محبطا (وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) حبوطها.
[٣] ـ (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ) يخفضون (أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ) إجلالا له (أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى) اختبرها وجرّبها للتقوى ، أو عرفها خالصة للتقوى إذ الامتحان سبب للمعرفة ، فوضع موضعها أو ضربها بمحن التكاليف لتظهر منهم التقوى بصبرهم عليها (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) لذنوبهم (وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) بطاعتهم ، والجملة خبر ثان أو استئناف لبيان ما يستحقّه بعضهم في تنكير الوعد والابتداء ب «أولئك» مخبرا عنه بالموصول ، تعظيم لشأنهم وتعريض بتهجين الرّفع والجهر واستحقاق مرتكبهما ضد ما استحقّ هؤلاء.
[٤] ـ (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ) جمع حجرة وهي ما حجر عليه من الأرض بحائط ، وهم وفد تميم ، قدموا وقت الظهيرة وهو صلىاللهعليهوآلهوسلم في منزله ونادوه من خارج حجراته مناداة الأجلاف : يا «محمّد» اخرج إلينا ، كأنّهم تفرّقوا عليها أو أتوها حجرة ، حجرة ، فنادوه من ورائها ، والمنادي وان كان بعضهم كما قيل انّه «الأقرع بن حابس» و «عيينة بن حصن» (١) لكن لرضا الكلّ بالفعل أسند إليهم (أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) إخلالهم برعاية الأدب وتوقير منصب النّبوّة.
[٥] ـ (وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا) ولو ثبت صبرهم (حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ) يشعر بأنه لو خرج لا لأجلهم لزمهم الصّبر الى ان يكون خروجه إليهم (لَكانَ) الصّبر (خَيْراً لَهُمْ) في دينهم بنيل الثّواب ودنياهم بأن يوصفوا بالعقل والأدب (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) لمن تاب منهم.
[٦] ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) اطلبوا بيان صدقه من
__________________
(١) تفسير البيضاوي ٤ : ١٥٧.