والتّورية عليهم الدّالّان على انّه ذنب كما اعترف به القائل مع تصريحه بأنّ الأمر بذلك للتمييز بين المخلص والمنافق ، فالحمد لله الّذي ميّز بينهما (١) (ذلِكَ) التّصدّق (خَيْرٌ لَكُمْ) لأنّ فيه أداء واجب ونيل أجر (وَأَطْهَرُ) لكم من دنس البخل بالمال (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) لمن لم يجد إذا ناجى من غير صدقة ثم نسخ ذلك بقوله :
[١٣] ـ (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ) أخفتم من تقديم الصدقة ما يعدكم الشيطان من الفقر أو نقص المال الّذي هو احبّ شيء إليكم؟
(فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا) التّصدّق (وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ) لتفريطكم فيه ، ورخّص لكم أن لا تفعلوه (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) فلا تفرّطوا في هذه كما فرّطتم في ذاك (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) فيجازيكم به.
[١٤] ـ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا) هم المنافقون ، وادّوا (قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ) هم اليهود (ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ) لأنّهم مذبذبون بين ذلك (وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ) وهو ادعاء الإيمان أو انّهم لم يشتموه صلىاللهعليهوآلهوسلم (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) كذب ما حلفوا عليه.
[١٥] ـ (أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) ساء عملهم مدّة حياتهم.
[١٦] ـ (اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ) الكاذبة (جُنَّةً) سترا لأنفسهم وأموالهم (فَصَدُّوا) النّاس (عَنْ سَبِيلِ اللهِ) عن دينه بالتثبيط (٢) (فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) تكرير بتغيير وصف العذاب.
__________________
(١) بهامش نسخة ب : بحث مع البيضاوي وأمثاله.
(٢) ثبطه عن الأمر : عوقه وبطّأ به عنه ـ قاموس اللغة.