الحال (كَأَنَّهُمْ) في تراصتهم بلا خلل (بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ) ملصق بعضه ببعض ، مستحكم ، حال متداخلة.
[٥] ـ (وَإِذْ) واذكر إذ (قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي) فسّر ايذاؤه في آخر سورة الأحزاب (١) (وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ) والرّسول يعظّم ولا يؤذى.
و «قد» للتّحقيق والجملة حال (فَلَمَّا زاغُوا) عدلوا عن الحق (أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) خلاهم ، وسوء اختيارهم ، فبقيت قلوبهم على زيغها (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) الى الجنّة ، أو لا يلطف بهم لاختيارهم الفسق.
[٦] ـ (وَإِذْ) واذكر إذ (قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَ) لما تقدّمنى (مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي) (٢) وسكّن «الياء» «ابن عامر» و «حفص» و «الكسائي» (٣) (اسْمُهُ أَحْمَدُ) و «مصدّقا» و «مبشّرا» حالان عاملهما معنى الإرسال في الرّسول.
وفيه ردّ على من يدّعى ألوهيّته بأنّه رسول الله ومؤمن بكتبه ورسله ، وذكر أشهر الكتب عندهم وأفضل الرّسل وخاتمهم وبشارته به أمر لهم باتّباعه إذا جاء (فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا) المجيء به (سِحْرٌ مُبِينٌ) بيّن ، وقرأ «حمزة» و «الكسائي» : «ساحر» (٤) فالإشارة الى الجائي بها.
[٧] ـ (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) بتسمية معجزاته سحرا (وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ) الّذي فيه سعادة الدّارين ، فجعل مكان الإجابة الافتراء (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) لا يلطف بهم لاختيارهم الظّلم.
__________________
(١) سورة الأحزاب : ٣٣ / ٥٣ / ٥٧ / ٥٨.
(٢) في المصحف الشريف بقراءة حفص : «من بعدي» بسكون الياء ـ كما سيشير اليه المؤلّف ـ.
(٣) الكشف عن وجوه القراءات ٢ : ٣٢١.
(٤) حجة القراءات : ٧٠٧.