للنساء مطالبتهم بأكثر من ذلك.
وفي نهاية المطاف يبشّرهم الله تعالى بقوله : (سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا). أي : لا تجزعوا ولا تحزنوا ولا يكن الضيق في المعيشة سبباً لخروجكم عن الطريق السوي ، فإنّ الدنيا أحوال متقلّبة لا تبقى على حال ، فحذار من أن تقطع المشاكل العابرة والمرحلية حبل صبركم.
(وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُكْراً (٨) فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً (٩) أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فَاتَّقُوا اللهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً (١٠) رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً) (١١)
العاقبة المؤلمة للعاصين : في كثير من الموارد يأتي القرآن على ذكر الامم السابقة بعد إيراد سلسلة من الأحكام والتكاليف ، لكي يرى المسلمون بأعينهم عاقبة كل من (الطاعة والعصيان) في تجارب الماضي وتأخذ القضية طابعاً حسيّاً.
ولم يخرج القرآن الكريم في هذه السورة عن هذا النهج ، فبعد ذكر وظائف كل من الرجال والنساء عند الطلاق ، يحذّر العاصين والمتمردين من العواقب الوخيمة التي تنتظرهم بقوله في البداية : (وَكَأَيّن مّن قَرْيَةً عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُّكْرًا).
والمقصود ب القرية هو محل اجتماع الناس ، وهو أعمّ من المدينة والقرية ، والمراد هو أهلها.
«عتت : من مادة عتو بمعنى التمرّد على الطاعة ؛ ونكر : يعني العمل الصعب الذي لم يسبق له مثيل.
«حساباً شديداً إشارة إلى عاقبة الأقوام السابقة المتمرّدة العاصية في هذه الدنيا.
لذلك يضيف تعالى في الآية اللاحقة : (فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا).
وأي خسارة أفدح من خسران رأس المال الذي وهبه الله ، والخروج من هذه الدنيا