الله ، وكذلك يذكر بالعاقبة الحسنة والمصير الرائع لامرأتين مؤمنتين مضحيّتين كانتا في بيتين من بيوت الجبابرة ، حيث يقول أوّلاً : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِن عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ).
وبناءً على هذا فإنّ القرآن يحذّر زوجتي الرسول اللتين اشتركتا في إذاعة سرّه ، بأنّكما سوف لن تنجوا من العذاب لمجرّد كونكما من أزواج النبي كما فعلت زوجتا نوح ولوط فواجهتا العذاب الإلهي.
كما تتضمّن الآيات الشريفة تحذيراً لكل المؤمنين بأنّ القرب من أولياء الله والإنتساب إليهم لا يكفي لمنع نزول عذاب الله ومجازاته.
وعلى أيّة حال فإنّ هاتين المرأتين خانتا نبيّين عظيمين من أنبياء الله. والخيانة هنا لا تعني الانحراف عن جادّة العفّة والنجابة ، لأنّهما زوجتا نبيّين ولا يمكن أن تخون زوجة نبي بهذا المعنى للخيانة ، فقد جاء عن الرسول صلىاللهعليهوآله قال : ما بغت امرأة نبي قطّ.
ثم يذكر القرآن الكريم نموذجين مؤمنين صالحين فيقول : (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَءَامَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ).
من المعروف أنّ اسم زوجة فرعون (آسية) واسم أبوها (مزاحم) وقد آمنت منذ أن رأت معجزة موسى عليهالسلام أمام السحرة ، واستقرّ قلبها على الإيمان ، لكنّها حاولت أن تكتم إيمانها ، غير أنّ الإيمان برسالة موسى وحبّ الله ليس شيئاً يسهل كتمانه ، وبمجرّد أن اطّلع فرعون على إيمانها نهاها مرّات عديدة وأصرّ عليها أن تتخلّى عن رسالة موسى وربّه ، غير أنّ هذه المرأة الصالحة رفضت الاستسلام إطلاقاً.
وأخيراً أمر فرعون أن تُثبت يداها ورجلاها بالمسامير ، وتترك تحت أشعة الشمس الحارقة ، بعد أن توضع فوق صدرها صخرة كبيرة. وفي تلك اللحظات الأخيرة كانت امرأة فرعون بهذا الدعاء إذ قالت : (رَبّ ابْنِ لِى عِندَكَ بَيْتًا فِى الْجَنَّةِ وَنَجّنِى مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجّنِى مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ). وقد استجاب لها ربّها وجعلها من أفضل نساء العالم إذ يذكرها في صفّ مريم.
في الدرّ المنثور عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمّد صلىاللهعليهوآله ، ومريم بنت عمران ، وآسيه بنت مزاحم امرأة فرعون.