عين في دار النبي تفجر إلى دور الأنبياء والمؤمنين.
نعم ، فكما تتفجر عيون العلم والرحمة من بيت النبي صلىاللهعليهوآله وتجري إلى قلوب عباد الله الصالحين ، كذلك في الآخرة حيث التجسّم العظيم لهذا المعنى تتفجر عين الشراب الطهور الإلهي من بيت الوحي ، وتنحدر فروعها ، إلى بيوت المؤمنين!
ثم تتناول الآيات الاخرى ذكر أعمال الأبرار وعباد الله مع ذكر خمسة صفات توضّح سبب استحقاقهم لكل هذه النعم الفريدة فيقول تعالى : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا).
جملة (يوفون) و (يخافون) والجمل التي تليها جاءت بصيغة الفعل المضارع وهذا يشير إلى استمرارية وديمومة منهجهم.
وخوفهم من شرّ ذلك اليوم ، وآثار هذا الإيمان ظاهرة في أعمالهم بصورة كاملة.
ثّم يتناول الصفة الثالثة لهم فيقول : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا).
لم يكن مجرد اطعام ، بل اطعام مقرون بالإيثار العظيم عند الحاجة الماسّة للغذاء ، ومن جهة اخرى فهو إطعام في دائرة واسعة حيث يشمل أصناف المحتاجين من المسكين واليتيم والأسير ، ولهذا كانت رحمتهم عامّة وخدمتهم واسعة.
فإنّ ما يستفاد من الآية أنّ أفضل الأعمال إطعام المحرومين والمعوزين ، ولا يقتصر على اطعام الفقراء من المسلمين فحسب بل يشمل حتى الأسرى المشركين أيضاً وقد اعتبر إطعامهم من الخصال الحميدة للأبرار.
والخصلة الرابعة للأبرار هي الإخلاص ، فيقول : (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لَانُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا).
إنّ هذا المنهج ليس منحصراً بالإطعام ، إذ إنّ جميع أعمالهم خالصة لوجه الله تعالى ، ولا يتوقعون من الناس شكراً وتقديراً. وأساساً فإنّ قيمة العمل في الإسلام بخلوص النية وإلّا فإنّ العمل إذا كان بدوافع غير الهية ، فليس لذلك ثمن معنوي وإلهي.
ويقول في الوصف الأخير للأبرار : (إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا). (أي الشديد) من المحتمل أن يكون هذا الحديث لسان حال الأبرار ، أو قولهم بألسنتهم.
وجاء التعبير عن يوم القيامة بالعبوس والشديد للإستعارة ، إذ أنّها تستعمل في وصف