يوم تطوى الكائنات فيه : نواجه في بداية السورة إشارات قصيرة ، مثيرة ومرعبة لما سيجري لنهاية العالم المذهلة ، فقد تحدثت هذه الآيات عن ثمانية علائم من ويوم القيامة.
وأوّل مشهد عرضته عدسة العرض القرآني ، هو : (إِذَا الشَّمْسُ كُوّرَتْ).
«كوّرت : من التكوير بمعنى الطي والجمع واللّف (مثل لف العمامة على الرأس).
فالمقصود هو : خمود نور الشمس وذهابه ، وتغيّر نظام تكوينها.
وكما بات معلوماً ... فالشمس في وضعها الحالي ، عبارة عن كرة مشتعلة ، على هيئة غازية ملتهبة ، وتتفجر الغازات على سطحها بصورة شعلات هائلة محرقة ، قد يصل إرتفاعها إلى مئات الآلاف من الكيلو مترات.
ولو قُدّر وضع الكرة الأرضية وسط شعلة منها ، فإنّها تستحيل فوراً إلى رماد وكتلة من الغازات.
ولكن ... عند حلول وقت نهاية العالم ، والإقتراب من يوم القيامة ، سيخمد ذلك اللهب المروع ، وستجمع تلك الشعلات ، فيطفأ نور الشمس ، ويصغر حجمها ... وهو ما اشير إليه بالتكوير.
وقد أيّد العلم الحديث هذه الحقيقة ، من خلال اعتقاده وبعد دراسات علمية كثيرة ، بأنّ الشمس تسير تدريجياً نحو الظلام والإنطفاء.
ويأتي المشهد الثاني : (وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ).
«انكدرت : من الإنكدار ، بمعنى السقوط والتناثر ، واشتق من (الكدورة) ، وهي السواد والظلام.
ويمكن جمع المعنيين في الآية ، لأنّ النجوم في يوم القيامة ستفقد إشعاعها وتتناثر وتسقط في هاوية الفناء.
والمشهد الثالث : (وَإِذَا الْجِبَالُ سُيّرَتْ).
وقد ذكرنا مراحل فناء الجبال ، ابتداءً من السير والحركة وانتهاءً بتحولها إلى غبار متناثر (فراجع تفسير الآية ٢٠ من سورة النبأ).
وثم يأتي دور المشهد الرابع : (وَإِذَا الْعِشَارُ عُطّلَتْ).
«العشار : جمع (عشراء) ، وهي الناقة التي مرّ على حملها عشرة أشهر ، فأضحت على أبواب الولادة ، بعدما امتلأت أثداؤها باللبن.