من وسائل الإرتباط ما كان بامكان الإنسان اطلاقاً أن يرتقي إلى ما ارتقى إليه في العلم والمعرفة.
والشفتان : تلعبان أوّلاً دوراً هامّاً في النطق ، إذ أنّ الشفتين مخرج لكثير من الحروف ، والشفتان تقومان بدور أيضاً في هضم الطعام والمحافظة على رطوبة الفم ، وشرب الماء ، ترى لو انعدمت الشفتان فماذا كان وضع الإنسان في أكله وشربه ونطقه والمحافظة على ماء فمه وحتى جمال وجهه وشكله؟!
وحقّاً ما قاله أمير المؤمنين علي عليهالسلام في نهج البلاغة : اعجبوا لهذا الإنسان ينظر بشحم ويتكلم بلحم ، ويسمع بعظم ، ويتنفس من خرم!.
عبارة (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ) إضافة لما لها من مدلول على مسألة الإختيار وحرية الإنسان ، تدلّ أيضاً على ما يتطلبه طريق الخير من جهد وعناء ، لأنّ النجد مكان مرتفع وتسلق المكان المرتفع يتطلب كداً وسعياً وجهداً ، غير أنّ طريق الشرّ له مشاكله ومصاعبه أيضاً ، فأولى بالإنسان أن يبذل الجهد والسعي على طريق الخير.
مع ذلك ، فانتخاب الطريق بيد الإنسان ... الإنسان هو الذي يتحكم في عينه ولسانه فيم يستعملها ... في الحلال أو الحرام ، وهو الذي يختار إحدى الجادتين الخير أو الشر.
وفي تفسير مجمع البيان عن أبي حازم أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : إنّ الله تعالى يقول : يابن آدم! إن نازعك لسانك فيما حرمت عليك ، فقد أعنتك عليه بطبقتين ، فأطبق. وإن نازعك بصرك إلى بعض ما حرمت عليك ، فقد أعنتك عليه بطبقتين فأطبق ....
وهذه الهداية يحصل عليها الإنسان من ثلاثة طرق : من الإدراكات العقلية والإستدلال ، ومن طريق الفطرة والوجدان دون الحاجة إلى الإستدلال ، ومن طريق الوحي وتعاليم الأنبياء والأوصياء عليهمالسلام ، وكل ما يحتاجه البشر ليطوي مسيرة تكامله قد بيّنه الله سبحانه له بواحد من هذه الطرق أو في كثير من الحالات بالطرق الثلاثة معاً.
(فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (١٢) فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (١٥) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (١٦) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (١٧) أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (١٨) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (١٩) عَلَيْهِمْ نَارٌ مُّؤْصَدَةٌ) (٢٠)