عزوجل أنّه ليس كل إنسان يقدر على عتق رقبة فجعل لهم السبيل إلى الجنة.
ثم تواصل الآية التالية بيان طبيعة هذه العقبة ، وسبل اجتيازها فتقول : (ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَءَامَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ).
فالقادرون على اجتياز هذه العقبة متحلون بالإيمان ومتواصون بالصبر والإستقامة على الطريق ، ومتواصون بالرحمة والعطف.
وبهذا السياق القرآني لبيان طبيعة العقبة نفهم أنّ القادرين على اجتيازها هم المتحلون بالإيمان والخلق الكريم كالتواصي بالصبر والرحمة ، وذوو أعمال البرّ والإحسان كتحرير العبيد وإطعام الأيتام والمساكين ، إنّهم بعبارة اولئك الذين يلجون ميادين الإيمان والأخلاق والعمل ويخرجون منها ظافرين منتصرين.
وفي خاتمة هذه الأوصاف تذكر السورة مكانة المتحلين بها فتقول : (أُولئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ).
ثم تتعرض الآية لتصوير حالة الفاشلين في إجتياز العقبة فتقول : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَايَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْئَمَةِ).
والمشئمة : من الشؤم تقابل الميمنة من اليُمن. أي إنّ هؤلاء الكافرين مشؤومون لا يُمن فيهم ولا بركة ، بل هم عامل شقاء لأنفسهم ولمجتمعهم ثم إنّ علامة شؤم الفرد يوم القيامة تسلّمه صحيفة أعماله بيده اليسرى ، ومن هنا ذهب بعض المفسرين إلى أنّ المشئمة هي اليسار مقابل اليمين. أي إنّ الذين كفروا بآيات الله الذين يتسلمون صحائف أعمالهم بيدهم اليسرى خاصة وأنّ مادة شؤم جاءت في اللغة بمعنى اليسار أيضاً.
وفي الآية الأخيرة من السورة إشارة قصيرة ذات دلالة عميقة إلى جزاء هذه الفئة الأخيرة : (عَلَيْهِمْ نَارٌ مُّؤْصَدَةٌ).
والإيصاد : إحكام الغلق ، وواضح أنّ الإنسان ـ حين يكون في غرفة حارّة الجوّ ـ يتوق إلى فتح أبوابها ، ليهبّ عليه نسيم يلطف الهواء ، فما بالك إذا كان في محرقة جهنم والأبواب كلّها موصدة عليه؟!
|
نهاية تفسير سورة البلد |
* * *