بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ
(وَالضُّحَى (١) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (٢) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (٣) وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (٤) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى) (٥)
سبب النّزول
في المجمع : قال ابن عباس : احتبس الوحي عنه صلىاللهعليهوآله خمسة عشر يوماً ، فقال المشركون : إنّ محمّداً قد ودعه ربّه وقلاه ، ولو كان أمره من الله تعالى لتتابع عليه. فنزلت السورة.
وروي أنّه لمّا نزلت السورة قال النبي صلىاللهعليهوآله لجبرائيل عليهالسلام : ما جئت حتى اشتقت إليك! فقال جبرائيل : وأنا كنت أشدّ إليك شوقاً ، ولكنّي عبد مأمور وما نتنزل إلّابأمر ربّك.
التّفسير
في بداية السورة المباركة قسمان : الأوّل بالنور ، والثاني بالظلمة. يقول سبحانه :
(وَالضُّحَى) وهو قسم بالنهار ـ حين تغمر شمسه كل مكان.
(وَالَّيْلِ إِذَا سَجَى). أي إذا عمّت سكينته كل مكان.
«الضحى : يعني أوائل النهار ، أي حين يرتفع قرص الشمس في كبد السماء ، ويعم نورها الأرض ، وهو أفضل ساعات النهار.
«سجى : من السَّجو أو السُّجو ، أي سكن وهدأ.
والمهم في الليل هدؤه وسكينته ممّا يضفي على روح الإنسان واعصابه هدوءً وارتياحاً ، ويُعدّه لممارسة نشاط يوم غد ، وهو لذلك نعمة مهمّة استحقت القسم بها.
بين القَسمين ومحتوى السورة تشابه كبير وإرتباط وثيق. النهار مثل نزول نور الوحي على قلب النبي صلىاللهعليهوآله ، والليل كانقطاع الوحي المؤقت ، وهو أيضاً ضروري في بعض المقاطع الزمنية.
وبعد القسمين ، يأتي جواب القسم ، فيقول سبحانه : (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى).
«قلى : من قلا ـ على وزن صدا ـ وهو شدّة البغض.
في هذا التعبير سكن لقلب النبي صلىاللهعليهوآله وتسلّ له ، ليعلم أنّ التأخير في نزول الوحي إنّما يحدث لمصلحة يعلمها الله تعالى ، وليست ـ كما يقول الأعداء ـ لترك الله نبيّه أو لسخطه عليه فهو مشمول دائماً بلطف الله وعنايته الخاصّة ، وهو دائماً في كنف حماية الله سبحانه.