نِعم إلهية : سياق الآيات ممزوج بالحب والحنان وبألطاف ربّ العالمين لنبيّه الكريم.
أهم هبة إلهية تشير إليها الآية الاولى : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ).
«الشرح : في الأصل توسعة قطع اللحم بتحويلها إلى شرائح أرق ؛ وشرح الصدر : سعته بنور إلهي وبسكينة واطمئنان من عند الله ، ولهذه التوسعة مفهوم واسع ، تشمل السعة العلمية للنبي عن طريق الوحي والرسالة ، وتشمل أيضاً توسعة قدرة النبي في تحمله واستقامته أمام تعنت الأعداء والمعارضين.
في المجمع : روى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لقد سألت ربّي مسألة وددت أنّي لم أسأله ؛ قلت : أي ربّ! إنّه قد كان أنبياء قبلي منهم من سخرت له الريح ومنهم من كان يحيي الموتى. قال ، فقال : ألم أجدك يتيماً فآويتك. قال : قلت بلى. قال : ألم أجدك ضالاً فهديتك. قال : قلت بلى أي ربّ. قال : ألم أشرح لك صدرك ووضعت عنك وزرك قال : قلت : بلى أي ربّ.
وهذا يعني أنّ نعمة شرح الصدر تفوق معاجز الأنبياء. والمتمعّن في دراسة حياة الرسول صلىاللهعليهوآله ، وما فيها من مظاهر تدل على شرح عظيم لصدره تجاه الصعاب والمشاق يدرك بما لا يقبل الشك أنّ الأمر لم يتأت لرسول الله بشكل عادي ، بل إنّه حتماً تأييد إلهي ربّاني.
وبسعة الصدر هذه إجتاز الرسول صلىاللهعليهوآله العقبات والحواجز والصعاب على أفضل وجه ، وأدّى رسالته خير أداء.
ثم يأتي ذكر الموهبة الثانية : (وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ). أي ألم نضع عنك الحمل الثقيل؟
(الَّذِى أَنقَضَ ظَهْرَكَ).
وأي حمل وضعه الله عن نبيّه؟ القرائن في الآيات تدل على أنّه مشاكل الرسالة والنبوّة والدعوة إلى التوحيد وتطهير المجتمع من ألوان الفساد ، وليس نبيّ الإسلام وحده بل كل الأنبياء في بداية الدعوة واجهوا مثل هذه المشاكل الكبرى ، وتغلبوا عليها بالإمداد الإلهي وحده ، مع فارق في الظروف ، فبيئة الدعوة الإسلامية كانت ذات عقبات أكبر ومشاكل ...
وفي الموهبة الثالثة يقول سبحانه : (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ).
فاسمك مع اسم الإسلام والقرآن قد ملأ الآفاق ، وأكثر من ذلك اقترن اسمك باسم الله سبحانه في الأذان يرفع صباح مساء على المآذن. والشهادة برسالتك لا تنفك عن الشهادة بتوحيد الله في الإقرار بالإسلام وقبول الدين الحنيف.