(وَإِنَّهُ لِحُبّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ). أي أنّه شديد الحبّ للمال والمتاع.
إطلاق الخير على المال في الآية يعود إلى أنّ المال في حد ذاته شيء حسن ، ويستطيع أن يكون وسيلة لأنواع الخيرات ، لكن الإنسان الكنود يصرفه عن هدفه الأصلي ، وينفقه في طريق ذاتياته وأهوائه.
وفي استفهام استنكاري يقول سبحانه : (أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِى الْقُبُورِ).
وَحُصّلَ مَا فِى الصُّدُورِ. وانكشف ما في نفسه من كفر وايمان ، ورياء واخلاص وغرور وتواضع وسائر نيات الخير والشر.
(إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ). نعم ، فهو عليم بأعمالهم ونياتهم وسيجازيهم وفقها.
«بعثر : من البعثرة وهي البعث والإثارة والإخراج وبعثرة ما في القبور ، بعث الموتى واخراجهم من القبور.
«حُصّل : من التحصيل ، وهو في الأصل يعني إخراج اللب من القشر ، وكذلك تصفية المعادن ، واستخراج الذهب وأمثاله من الخامات. ثم استعملت لمطلق الإستخراج والفصل. والكلمة في الآية تعني فصل الخير عن الشر في القلوب ... الإيمان عن الكفر ، أو الصفات الحسنة عن الصفات السيئة ... أو النوايا الحسنة عن الخبيثة ... تُفصل في ذلك اليوم وتظهر ، وينال كل فرد حسب ذلك جزاؤه.
والتعبير بكلمة يومئذ يعني أنّ الله (في ذلك اليوم) خبير بأعمال العباد وسرائرهم.
ونعلم أنّ الله سبحانه عليم دائماً بذات الصدور. فالتعبير يومئذ هو لأنّ ذلك اليوم يوم الجزاء ، والله يجازيهم على أعمالهم وعقائدهم.
نعم ، الله سبحانه عليم وخبير بأسرارنا وما تنطوي عليه نفوسنا كاملاً ، لكن أثر هذا العلم سيكون أظهر وأوضح عند الجزاء ، وهذا التحذير لو دخل دائرة إيمان البشر لكان سداً منيعاً بينهم وبين الذنوب.
|
نهاية تفسير سورة العاديات |
* * *