الحادثة القارعة : هذه الآيات تصف القيامة وتقول : (الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ).
«القارعة : من القرع ، وهو طرق الشيء بالشيء مع إحداث صوت شديد ، وسمّيت كل حادثة هامّة صعبة بالقارعة. (تاء التأنيث قد تكون إشارة للتأكيد).
الآية الثالثة تخاطب حتى النبي صلىاللهعليهوآله وتقول له : (وَمَا أَدْرَيكَ مَا الْقَارِعَةُ). وهذا يدل على أنّ عظمة هذه الحادثة القارعة إلى درجة لا تخطر على فكر أحد.
أكثر المفسرين ذكروا أنّ القارعة أحد أسماء القيامة ، ولكن لم يوضّحوا هل أنّه اسم لمقدمات القيامة إذ تقرع هذه الدنيا.
أو إنّه اسم للمرحلة التالية .. أي مرحلة احياء الموتى ، وظهور عالم جديد ، وتسميتها القارعة ـ في هذه الحالة ـ لما تبعثه من خوف وذعر في القلوب ..
ولكن الإحتمال الأوّل أنسب ، وإن ذكرت الحادثتان كلاهما في هذه الآيات متتابعتين. وفي وصف ذلك اليوم العجيب يقول سبحانه : (يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ).
والتشبيه بالفراش قد يكون لأنّ هذه الحشرات تلقي بنفسها بشكل جنوني في النار ، وهذا ما يفعله أهل السيئات إذ يلقون بأنفسهم في جهنم.
ثم تذكر الآية التالية وصفاً آخر لذلك اليوم وتقول : (وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ). والعهن : هو الصوف المصبوغ.
والمنفوش : هو المنشور ويتمّ ذلك عادة بآلة الحلج الخاصة.
سبق أن ذكرنا أنّ القرآن الكريم في مواضع متعددة يتحدث عن الجبال عند قيام القيامة بأنّها تتحرك أوّلاً ، ثم تُدَكّ وتتلاشى وأخيراً تصبح بشكل غبار متطاير في السماء. وهذه الحالة الأخيرة تشبهها الآية بالصوف الملون المحلوج ... الصوف المتطاير في مهبّ الريح ، لم يبق منه إلّاألوان ... وهذه آخر مراحل انهدام الجبال.
ثم تتطرق الآيات التالية إلى الحشر والنشر وإحياء الموتى وتقسيمهم إلى مجموعتين :
(فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ). أي إنّ ميزان عمله ثقيل. (فَهُوَ فِى عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَيكَ مَاهِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ) (١).
«موازين : جمع ميزان ، وهو وسيلة للوزن ، تستعمل في وزن الأجسام ، ثم استعملت في المعايير المعنوية.
__________________
(١) ماهيه : أصلها ما هي ، والهاء الحقت بها للسكت.