إنكار المعاد وآثاره المشؤومة : هذه السورة المباركة تبدأ بسؤال موجّه للنّبي صلىاللهعليهوآله عن الآثار المشؤومة لإنكار المعاد وتقول : (أَرَءَيْتَ الَّذِى يُكَذّبُ بِالدّينِ).
وتجيب عن السؤال : (فَذلِكَ الَّذِى يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ).
«الدين هنا الجزاء أو يوم الجزاء ، وإنكار يوم الجزاء له عواقبه الوخيمة وانعكاسات على أعمال الإنسان ، وفي هذه السورة ذكرت خمسة آثار لهذا الإنكار منها : طرد اليتيم ، وعدم الحثّ على إطعام المسكين ، أي إنّ الشخص المنكر للمعاد لا يطعم المساكين ، ولا يدعو الآخرين إلى إطعامهم.
«يدع : أي يدفع دفعاً شديداً ، ويطرد بخشونة.
ويحضّ : أي يحرض ويرغب الآخرين على شيء.
ويتواصل وصف هؤلاء المكذبين بالدين فتقول الآيات التالية : (فَوَيْلٌ لّلْمُصَلّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ).
لا يقيمون للصلاة وزناً ، ولا يهتمون بأوقاتها ، ولا يراعون أركانها وشروطها وآدابها.
الصفة الرابعة والخامسة للمكذبين بالدين تذكرها الآيتان الأخيرتان : (الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ).
المجتمع الذي يتعود على الرياء لا يبتعد عن الله وعن الأخلاق الحسنة والملكات الفاضلة فحسب ، بل تصبح كل برامجه الإجتماعية فارغة خالية المحتوى ، لا تتعدى مجموعة من المظاهر ، وإنّها لمأساة أن يكون مصير الفرد ومصير المجتمع بهذا الشكل.
من المؤكّد أنّ أحد عوامل التظاهر والرياء عدم الإيمان بيوم القيامة ، وعدم الرغبة بالثواب الإلهي. وإلّا كيف يمكن للإنسان أن يترك مثوبة الله ويتجه إلى الناس ليتزلف إليهم.
«الماعون : من المَعن وهو الشيء القليل. وكثير من المفسرين قالوا : إنّ المقصود من الماعون الأشياء البسيطة التي يستعيرها أو يقتنيها الناس وخاصة الجيران من بعضهم ، مثل حفنة الملح ، والماء ، والنار (الثقاب) ، والأواني وأمثالها.
واضح أنّ الذي يبخل في إعطاء مثل هذه الأشياء إلى غيره إنسان دنيء عديم الإيمان. أي إنّه بخيل إلى درجة الإباء عن إعطاء مثل هذه الأشياء.
في أمالي الصدوق عن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : من منع الماعون جاره منعه الله خيره يوم القيامة ، ووكّله إلى نفسه ، ومن وكّله إلى نفسه فما أسوأ حاله.
|
نهاية تفسير سورةالماعون |
* * *