٣ ـ التوحيد الأفعالي : ويعني أنّ كل وجود وكل حركة وكل فعل في العالم يعود إلى ذاته المقدسة ، حتى الأفعال التي تصدر منّا هي في أحد المعاني صادرة عنه ، فهو الذي منحنا القدرة والإختيار وحرية الإرادة ، ومع أنّنا نفعل الأفعال بأنفسنا ، وأنّنا مسؤولون تجاهها. فالفاعل من جهة هو الله سبحانه لأنّ كل ما عندنا يعود إليه : (لا مؤثّر في الوجود إلّاالله).
٤ ـ التوحيد في العبادة : أي تجب عبادته وحده دون سواه ، ولا يستحق العبادة غيره ، لأنّ العبادة يجب أن تكون لمن هو كمال مطلق ، ومطلق الكمال ، لمن هو غني عن الآخرين ، ولمن هو واهب النعم وخالق كل الموجودات وهذه صفات لا تجتمع إلّافي ذات الله سبحانه.
الثالث : التوحيد الأفعالي : توحيد الأفعال له بدوره فروع كثيرة نشير إلى ستة من أهمها :
١ ـ توحيد الخالقية : والقرآن الكريم يقول في الآية (١٦) من سورة الرعد : (قُلِ اللهُ خَالِقُ كُلّ شَىْءٍ).
ودليله واضح ، فحين ثبت بالأدلة السابقة أنّ واجب الوجود واحد ، وكل ما عداه ممكن الوجود ، يترتب على ذلك أنّ خالق كل الموجودات واحد أيضاً.
٢ ـ توحيد الربوبية : أي إنّ الله وحده هو مدبّر العالم ومربّيه ومنظّمه ؛ كما جاء في الآية (١٦٤) من سورة الأنعام : (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِى رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلّ شَىْءٍ).
دليل ذلك أيضاً وحدة واجب الوجود ، وتوحيد الخالق في عالم الكون.
٣ ـ التوحيد في التقنين والتشريع : يقول سبحانه في الآية (٤٤) من سورة المائدة : (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ).
لمّا ثبت أنّه سبحانه هو المدير والمدبّر ، فليس لأحد غيره حتماً صلاحية التقنين. إذ لا سهم لغيره في تدبير العالم كي يستطيع أن يضع قوانين منسجمة مع نظام التكوين.
٤ ـ التوحيد في المالكية : سواء الملكية الحقيقية أي السلطة التكوينية على الشيء ، أم الملكية الحقوقية وهي السلطة القانونية على الشيء ، فهي له سبحانه ؛ كما في الآية (١٨٩) من سورة آل عمران يقول تعالى : (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّموَاتِ وَالْأَرْضِ). وفي الآية (٧) من سورة الحديد يقول سبحانه : (وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ).
والدليل على ذلك هو نفس الدليل على توحيد الخالقية ، وحين يكون هو سبحانه خالق كل شيء فهو مالك كل شيء أيضاً ، فكلّ ملكية يجب أن تستمد وجودها من مالكيته.