المادة لو كان فيها دلالة على مرة او تكرار لكان فى المصدر دلالة على احدهما ، ولا ريب ان الاتفاق واقع على ان المصدر المجرد عن اللام والتنوين لا يدل إلّا على الماهية على ما حكاه السكاكى ، ولا يرد عليه ما فى الكتاب من ان كون المصدر كذلك لا يوجب الاتفاق ، على ان مادة الصيغة لا تدل الا على الماهية ، ضرورة ان المصدر ليس مادة لسائر المشتقات ، بل هو صيغة مثلها ، كيف وقد عرفت فى باب المشتق مباينة المصدر وسائر المشتقات بحسب المعنى ، فكيف بمعناه يكون مادة لها ، فعليه لا يمكن دعوى اعتبار المرة او التكرار فى مادتها كما لا يخفى انتهى. (١)
والوجه فى عدم وروده ان المقصود من الاستشهاد بالمصدر استكشاف حال المادة المأخوذة فى ضمن الصيغة ، فانه لو كانت المرة او التكرار من معانى المادة المشتركة فى جميع الصيغ لما تخلف ذلك فى المصدر ، فان ما يكون معنى للقدر المشترك بين جميع الصيغ ، لا يجوز تخلفه فى واحد منها ، فلو تخلف فى بعضها كشف ذلك عن عدم كونه معنى لذلك القدر المشترك ، فمن تخلف مثل هذه الدلالة فى المصدر يستدل على ان المرة والتكرار ليسا مدلولين ، كما انهما ليسا مدلولين للصيغة ، فلا وقع حينئذ لما ذكر من الايراد.
ان قلت : لا وجه لتخصيص مورد التخلف بالمصدر بل يشاركه الماضى والمضارع ، فإن ضرب ويضرب لا دلالة فيهما على الاخبار بوقوع الضرب فيما مضى وفيما يأتى مرة واحدة ، فلو كان المقصود من ذكر المصدر بيان مورد التخلف لما حسن الاختصار فى ذلك على خصوص المصدر.
__________________
(١) ـ الفصول فى الاصول : ٧١.