نقول : بعد فرض تمامية مثل هذين الاجماعين لم يبق مجال لاحتمال الاجزاء بمناط الوفاء بتمام المصلحة ، بل ينحصر احتماله فى تعذر استيفاء ما يبقى من المصلحة وحينئذ يكون الشك فى الاجزاء وعدمه ، ناشيا عن الترديد فى الباقى من المصلحة ، هل يكون ذلك مما يمكن استيفائه او لا يمكن؟ فيرجع ذلك الى الشك فى القدرة على تحصيل ما يلزم تحصيله من المصلحة ، وكل شك رجع الى الشك فى القدرة وجب مراعاته حتى يتحقق له العجز عن تحصيل الغرض ، ومقتضى ذلك عدم الاجزاء فى كل مورد شك فيه فى الاجزاء وعدمه ، سواء كان يعلم المكلف بطرو الاختيار له بعد زمان الاضطرار ، او لم يكن يعلم بذلك شاكا فيه ، او عالما باستدامة اضطراره الى آخر الوقت ، ثم تبين له الخلاف فى آخر الوقت ، هذا ان تحقق اجماع آخر على عدم الفصل بين قسمى الاضطرار ، وإلّا فان لم يكن لنا الا الاجماع على حرمة الاراقة المساوقة مع الاضطرار الناشى من سوء الاختيار ، فيبقى الاضطرار الآخر يحتمل فيه الوفاء بتمام المصلحة او ببعضها وعلى الثانى يحتمل امكان استيفائه فى زمان الاختيار وعدمه ، فهناك احتمالات ثلث ، ومحصلها احتمال قيام المصلحة الكاملة بالجامع بين الاضطرارى والاختيارى ، ان كان الاضطرارى وافيا بتمام المصلحة واحتمال قيامها فى خصوص الاختيارى المشكوك فيه القدرة على تحصيلها به فيكون ذلك من باب الشك المردد بين التعيين والتخيير ، والقاعدة فى مثله الاحتياط بالاقتصار على احتمال التعيين كما قرر فى محله ، ونتيجة ذلك عدم الاجزاء فى صورتين والاجزاء فى صورة واحدة.
اما صورتا عدم الاجزاء فذاك فيما لو اتفق للمكلف العلم بطرو الاختيار له فى آخر الوقت او كان شاكا فى ذلك ، فان الحكم فى هاتين الصورتين عدم الاجزاء قضاء للعلم الاجمالى الدائر طرفاه بين