قطعا ، فوجوده وتحققه دليل جزمى على عدم تقوم شىء من طرفى الطلب بالوجود الخارجى الحقيقى.
وبعبارة اخرى لو كان الطلب يعبر من الصورة الذهنية الى الخارجيات ، لكان يلزم موافقة الطلب دائما ابدا وامتنعت المعصية ، والتالى باطل بالبديهة فالمقدم مثله ، فكان حال الطلب حال القطع حيث ان القطع يتعلق بالصورة الخارجية التى يراها القاطع موافقة للواقع ويحسبها موجودة فى الخارج على وجه لا يلتفت الى خطائه فى قطعه هذا جهلا مركبا ، فلو كان يعبر قطعه من الصورة الملحوظة فى نظره الى الواقع الحقيقى ، لكان يلزم المطابقة فى قطعه دائما ابدا وليس كذلك كما هو اظهر من ان يخفى. فيستشهد بذلك على ان القطع فى تعلقه بالصورة واقف عليها لا يعبر الى الخارج الحقيقى ، ومثله الطلب على هذا المنوال غير ان القاطع لا يحتمل الخطاء فى قطعه ، والطالب يحتمل المخالفة فى تحصيل مطلوبه وعدم الوصول الى مرامه ومقصوده.
ثانيها : ان للوجود الخارجى المنظور اليه فى عالم التصور نحوين من اللحاظ ، اذ هو باعتبار اخذه فى متعلق الارادة يلحظ فى رتبة سابقة عليها فيقول : اريد الصلاة ، وباعتبار وقوعه معلول الارادة يلحظ فى رتبة لاحقة عن الارادة فيوجدها ويقول : صليت ، وان شئت هكذا نقول اردت الصلاة فصليت ، فأنك ترى للصلاة فى عالم اللحاظ صورتين إحداهما قبل الفاء والاخرى بعدها وليس بإزاء الصورة الاولى شىء فى الخارج حتى يمكن عبور الطلب اليه ، وما له ما بإزاء فى الخارج انما هو الصورة الثانية وهى فى رتبة المعلول للارادة لا يجوز ان يكون ما بإزائها مأخوذا فى موضوع الارادة وهو ظاهر لا اظن ان يخفى.