لكنه غيره ويباينه ، وذلك لان النزاع السابق كان مآله الى ملاحظة الطبيعة مع فردها الخارجى الزعمى ، وهذا النزاع مآله الى ملاحظة الطبيعة مع فردها الخارجى الحقيقى ، فمن قال هناك بتعلق الامر بالطبيعة يتأتى فى حقه الخلاف هنا ، اذ له القوم بعبورية الطلب الى الخارجى الحقيقى ، وله منع ذلك كما ان من يقول هناك بتعلق الاوامر بالافراد يتأتى فى حقه الخلاف هنا ، اذ له القول بعبور الطلب من الصورية الفردية الى الخارج الحقيقى ، وله منع ذلك.
ومن هذا البيان يظهر لك مورد البحث فى المقام ، وكيفية البحث فان مورد البحث ليس هو فى تعلق الطلب بالماهية فى قبال الوجود ، اذ هى بهذا الوجه ليست إلّا هى لا يجوز ان تكون مطلوبة ، كما انه ليس موردها الوجود الخارجى الحقيقى ، لاستحالة البعث نحو الشىء بعد وجوده ، بل البحث بينهم قد وقع فى الماهية بلحاظ ترى عين الايجاد الذى هو المعنى المصدرى دون الوجود الذى هو يساوق معنى اسم المصدر ، فاذا رؤى الشىء بنحو يخرج من كتم العدم الى الوجود ، كانت الماهية منظور اليها تبعا والطلب يتعلق بالماهية الملحوظة بهذا اللحاظ فيقع بينهم فى ان الطلب بعد ما تعلق بالماهية الخارجية بحسب النظر واللحاظ فهل يقف عليها او يعبر منها الى الخارج الحقيقى الذى هو بإزاء الماهية التى يراها خارجية ، التحقيق يقتضى المصير الى القول الاول من وجهين :
احدهما : ان الطلب من الكيفيات النفسانية قائم بالنفس وله تعلق بالمطلوب ، فهو يفتقر الى طرفين ولا يتقوم بنفسه ، ونحن نجد الطالب ربما يطلب الشىء ولم يحصل مطلوبه فى الخارج ، فلو كان للوجود الخارجى الحقيقى دخالة فى متعلق الطلب ، لاستحال تحقق الطلب بلا موافقة المطلوب لما فى الخارج والفرض تحقق الطلب