يكون واحد من الافراد مورد انطباق الطبيعة المأمور بها بالامر الذى يكتفى فى امتثاله بأول الوجود ، واخرى تلحظ منفردا بعضها عن بعض بحيث يلحظ هذا الفرد فى حال عدم الفرد الآخر ، وهكذا الفرد الآخر يلحظ فى حال عدم ذاك الفرد ، ولا ريب ان كل فرد بهذا اللحاظ ، يكون مورد انطباق الطبيعة المأمور بها بذاك النحو من الامر ، ولا مانع حينئذ من سراية الامر اليها على هذا الوجه ، فيكون كل فرد مطلوبا اذا لم يكن مسبوقا بفرد آخر ، واما اذا كان مسبوقا فلا يكون هو المطلوب بل المطلوب الفرد السابق.
واذا تمهدت لك هاتان المقدمتان اتضح لك الجواب ، فان شبهة المانع كانت هى تخيل السراية الى الافراد الخارجية الثابتة فى الخارج حقيقة ، وليس كذلك بل الى الافراد الخارجية الزعمية التى ترى محققة الوجود فى الخارج ، وقد لا يتفق لها تحقق فيه الى الابد كما فى الكفار والعصاة.
وقد انقدح لك بذلك امكان تعقل انطباق الطبيعة المأمور بها على الفرد قبل ايجاده ، فيكون كل فرد ملونا بلون الحكم فى حال دون حال ، ويمنع من تركه فى حال دون حال ، لانه لا يجوز تركه فى حال ترك بقية الافراد ويجوز تركه اذا اتى بأحد من بقية الافراد ، فيكون الفرد على هذا واجبا تخييريا شرعيا يطلب فعله ويمنع عن بعض انحاء تروكه ، هذا تمام الكلام فيما يتعلق بالطبيعة وافرادها. وقد عرفت ان التحقيق حسب ، ما يساعد عليه النظر الدقيق تعلق الحكم بالطبيعة دون الافراد ، وان سرى الحكم من الطبيعة الى الحصة الفردية.
ويبقى الكلام فى شىء آخر هو مورد نزاع آخر بين القوم وهو ان الحكم يتعلق بالطبيعة او بوجودها؟
وقد يتراءى فى بدو النظر ان هذا النزاع بعينه النزاع السابق ،