المستنتجة منها ظنية ايضا ، فمقام الحجية مقام ، ومقام الواقع مقام آخر.
ولقد اشار الماتن قده الى هذا بقوله «ان المراد بكونه فى مقام بيان تمام مراده ، مجرد بيان ذلك واظهاره وافهامه ، ولو لم يكن عن جد ، بل قاعدة وقانونا ، لتكون حجة فيما لم يكن حجة اقوى على خلافه ، لا البيان فى قاعدة قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة ، فلا يكون الظفر بالمقيد ، ولو كان مخالفا كاشفا عن عدم كون المتكلم فى مقام البيان ، ولذا لا ينثلم به اطلاقه وصحة التمسك به اصلا فتأمل جيدا.»
ولعله اشار بأمره بالتأمل اخيرا الى امكان الخدشة فيما ذكره ، بأن كونه فى مقام بيان تمام مراده ، اذا كان مقطوعا به ومعلوما على وجه الجزم واليقين ، كان ذلك دليلا جزميا ، على ان الحكم فى واقع الامر على الاطلاق ، فاذا ورد مقيد على خلافه ، لزم طرحه او تأويله ، ولا يكون من باب تعارض الحجتين ، حتى يلتمس الاقوى منهما ، بل من باب تعارض الحجة واللاحجة ، والسر فى ذلك ان حجية الاطلاق ليس إلّا بكشفه عن مرام المولى الذى تكلم بالمطلق ، وليست حجيته منوطة بقصد الحجية ، حتى يتوهم التفكيك بين الحجية والكاشفية عن واقع الارادة ، بل ليست الحجية ، إلّا باعتبار كاشفية الاطلاق ، عن واقع الإرادة ، فاذا كانت مقدمات الكاشفية يقينية مجزوما بها ، كانت الكاشفية جزمية ايضا ، وإلّا فلا ، فحينئذ لا وجه للتفكيك ، وما تراهم من التزامهم بالتقييد بعد الظفر بالمقيد ، فانما ذلك من جهة عدم احراز المقدمات على وجه اليقين ، بل بأصل عقلائى ، وهو انما يركن اليه اذا لم يظفر بالمقيد وبعد الظفر به يجب اتباعه ، ورفع اليد عن مقتضى الاصل فيكون الظفر به كاشفا عن عدم كون المتكلم فى مقام البيان.