الأحاديث وحسنها عن موضوعات الورّاقين ، فجزى الله نقاد الأمة عنا خيرا.
وما جاء من الأثر عن جابر وأبي هريرة مما يقتضي بظاهره أن البسملة آية من الفاتحة يرده صحيح الأحاديث ؛ كحديث أنس ، وأبي بن كعب ، وحديث : «قسمت الصّلاة بيني وبين عبدي» (١) ونحوها ، ولم يحفظ قطّ عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، ولا عن الخلفاء بعده ؛ أنهم يبسملون في الصلاة (٢).
__________________
(١) أخرجه مالك (١ / ٨٤) ، كتاب «الصلاة» ، باب القراءة خلف الإمام ، الحديث (٣٩) ، وأحمد (٢ / ٢٨٥) ، ومسلم (١ / ٢٩٧) ، كتاب «الصلاة» ، باب وجوب قراءة الفاتحة ، الحديث (٣٩ و ٤٠) ، وأبو داود (١ / ٥١٢ ـ ٥١٣ ـ ٥١٤) ، كتاب «الصلاة» ، باب من ترك قراءة الفاتحة ، الحديث (٨٢١) ، والترمذي (٢ / ٢٥) ، كتاب «الصلاة» ، باب لا صلاة إلا بالفاتحة ، الحديث (٢٤٧) ، والنسائي (٢ / ١٣٥ ـ ١٣٦) ، كتاب «الصلاة» ، باب ترك قراءة البسملة في الفاتحة ، والبخاري في «جزء القراءة» (ص ٤) ، وابن ماجة (٢ / ١٢٤٣) ، كتاب «الأدب» ، باب ثواب القرآن ، حديث (٣٧٨٤) ، والدارقطني (١ / ٣١٢) وابن خزيمة (١ / ٢٥٣) ، والبيهقي (٢ / ٣٩) عن أبي هريرة.
ولفظ مالك عن أبي السائب مولى هشام بن زهرة ، عن أبي هريرة ، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج ، هي خداج ، هي خداج غير تمام» قال : فقلت : يا أبا هريرة إني أحيانا أكون وراء الإمام ، قال : فغمز ذراعي ، ثم قال : اقرأ بها في نفسك يا فارسي ، فإني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «قال الله تبارك وتعالى : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، فنصفها لي ، ونصفها لعبدي ، ولعبدي ما سأل» ؛ قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اقرءوا ، يقول العبد : الحمد لله رب العالمين ، يقول الله تعالى : حمدني عبدي» الحديث.
(٢) ذهب أكثر أهل العلم من الصحابة ، فمن بعدهم إلى ترك الجهر بالتسمية ، بل يسرّ بها ، منهم أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وغيرهم ، وهو قول إبراهيم النّخعي ، وبه قال مالك ، والثوري ، وابن المبارك ، وأحمد ، وإسحاق ، وأصحاب الرأي.
وذهب قوم إلى أنه يجهر بالتسمية للفاتحة والسورة جميعا ، وبه قال من الصحابة أبو هريرة ، وابن عمر ، وابن عباس ، وأبو الزبير ، وهو قول سعيد بن جبير ، وعطاء ، وطاوس ، ومجاهد ، وإليه ذهب الشافعي. وروى في الحديث أن النبي صلىاللهعليهوسلم وأبا بكر يبدءون وعمر وعثمان كانوا يفتتحون القراءة ب «الحمد لله رب العالمين» معناه : أنهم كانوا يبدءون بقراءة فاتحة الكتاب قبل السورة ، وليس معناه : أنهم كانوا لا يقرءون «بسم الله الرحمن الرحيم». وكان الشافعي يرى أن يبدأ «ببسم الله الرحمن الرحيم» وأن يجهر بها إذا جهر بالقراءة. قال العلامة أحمد شاكر : ومن فقه أبي عيسى الترمذي أن عقد الخلاف في البابين (١٨٠ ، ١٨١) بين الجهر بالبسملة وترك الجهر بها ، ولم يعقد بين أصل قراءتها وتركها. أما أئمة القراءات ، فإنهم جميعا اتفقوا على قراءة البسملة في ابتداء قراءة كل سورة ، سواء الفاتحة أو غيرها من السور سوى «براءة» ولم يرد عن واحد منهم أبدا إجازة ابتداء القراءة بدون التسمية. قال ابن الجزري في «طيبته».
بسمل بين السّورتين (ب) س (ن) صف |
|
(د) م (ش) ق (ر) جا وصل (ف) شا |
وعن خلف (العاشر) فاسكت فصل |
|
والخلف (ك) م (حما) (ج) لا (الأزرق) |
إلى أن قال : وفي ابتداء السورة كلّ بسملا.
وقال صاحب «الشاطبية» : ولا بد منها (أي البسملة) في ابتدائك سورة.