* ع (١) * : والباء في (بِسْمِ اللهِ) متعلّقة عند نحاة البصرة باسم تقديره : ابتدائي مستقر أو ثابت باسم الله ، وعند نحاة الكوفة بفعل تقديره : ابتدأت باسم الله ، واسم : أصله سمو ؛ بكسر السين ، أو سمو ؛ بضمها ، وهو عند البصريين مشتقّ من السّمو (٢).
* ت* : وهو العلو والارتفاع.
__________________
ـ والحرف الأول في كلمة من البيتين يرمز لقارىء أو راو ، فالبسملة آية في كل سورة عند الأكثرين ، وهؤلاء هم أهل الرواية المنقولة بالسماع والتلقي شيخا عن شيخ في التلاوة والأداء ، وقد اتفقوا جميعا على قراءتها أول الفاتحة ، وإن وصلت بغيرها ، وجميع المصاحف التي كتبها الخليفة الثالث عثمان وأقرها الصحابة دون ما عداها كتبت فيها البسملة في أول كل سورة ، سوى «براءة» ، وأن الصحابة (رضوان الله عليهم) حين جمعوا القرآن في المصاحف جردوه من كل شيء غيره ، فلم يأذنوا بكتابة أسماء السور ولا أعداد الآي ولا «آمين» ، ومنعوا أن يجرؤ أحد على كتابة ما ليس في كتاب الله في المصاحف ، حرصا منهم على الحفاظ عليه ، فهل يعقل مع هذا كله أن يكتبوا مائة وثلاث عشرة بسملة زيادة على ما أنزل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ ألا يدل دلالة قاطعة منقولة بالتواتر العمل المؤيد بالكتابة المتواترة على أنها آية من القرآن في كل موضع كتابة فيه؟!!
تنظر المسألة في : «الأم» للشافعي (١ / ٢١٣) ، «شرح المهذب» (٣ / ٢٨٨) ، «حلية العلماء ومعرفة مذاهب الفقهاء» (٢ / ١٠٢) ، «فتح الوهاب» للشيخ زكريا (١ / ٤٠) ، «الحاوي» للماوردي (٢ / ١٠٤) ، «روضة الطالبين» (١ / ٣٤٧) ، «بدائع الصنائع» (١ / ٢٠٣) ، «المبسوط» (١ / ١٥) ، «الهداية» (١ / ٤٨) ، «شرح فتح القدير» (١ / ٢٥٣ ، ٢٥٤) ، «الاختيار» (١ / ٥١) ، «الحجة على أهل المدينة» (١ / ٩٦) ، «الكافي» لابن عبد البر ص (٤٠) ، «المغني» لابن قدامة (٢ / ١٥١) ، «كشاف القناع» (١ / ٣٣٥) ، «الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف» (٢ / ٤٨) ، «بداية المجتهد» لابن رشد (١ / ٩٦ ـ ٩٧) ، «نيل الأوطار» (٢ / ٢٢٢ ـ ٢٣٢) ، «فتح العلام» ص (١٩٥) ، «سبل السلام» (١ / ٢٤١) ، «شرح البهجة» (١ / ٣٠٨ ـ ٣٠٩) ، «الجمل على المنهج» (١ / ٣٤٥) ، «مختلف الرواية» ص (٤١٢) ، «الأوسط» (٣ / ١١٩ ـ ١٢٣)
(١) «المحرر الوجيز» (١ / ٦١)
(٢) اشتقاق الاسم عند المحققين من النحويين من السمو ، وهو الارتفاع ، ومحل مرتفع فهو ظاهر. والاسم يظهر المسمى عند السامع ؛ فاشتق من السمو لذلك ، وقد قيل : إنما اشتق الاسم من السمو ؛ لكون الكلام على ثلاثة أقسام. وضع لكل قسم عبارة ، وكان الاسم المقدم ؛ فأعطي أرفع العبارات ، وكان الحرف المتأخر ؛ إذ لا معنى له في ذاته ، فأعطي أحط العبارات ، وكان الفعل واسطة بينهما فتوسط اسمه.
وذهب قوم إلى أن اشتقاق الاسم من السمة ، وهي العلامة ، والاسم جعل دلالة على المسمى ، وهذا تبطله صناعة العربية ؛ إذ لو كان مشتقا من السمة لقيل في تصغيره : وسيم ، ولا يقال ذلك إنما يقال في تصغيره سميّ ، وكذلك في جمعه أسماء برد لام الفعل. والتكبير والتصغير يردان الأشياء إلى أصولها ، فصح أن اشتقاقه من السمو.
ينظر : «العلوم المستودعة في السبع المثاني» (ج ٢) ، و «الصاوي على الخريدة» (٦ ـ ٧).