فالمرأة والرجل من أصل واحد. ومن معدن واحد .. (بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) (١) فالأساس في هذه القضية هو التسوية. وبهذه الاسس النظرية نجد أنّ القرآن الكريم قد قضى على أوهام الامم السابقة من أنّ المرأة ليست من طينة الرجل ، وأنها ليست من جنسه ، قضى القرآن على هذه الأوهام ونسفها نسفا تاما ..
وقد جعل الله سبحانه النبي محمدا (ص) ـ بالذات ـ شاهد صدق على هذا الموقف ، حيث جعل نسله من فاطمة الزهراء (ع) وردّ على من سماه ـ أبتر ـ بعد موت ابراهيم ابنه من مارية القبطية في السنة الثانية من الهجرة (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ. فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ. إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) (٢).
وحسب القرآن ما كفل للمرأة من مساواة دينية وروحية ، فمن رحمته تعالى أنّه لم يجعل الأجر عنده وقفا على نوع معين من العمل يتاح لأحد الجنسين ولا يتاح للآخر ، إنما الأجر على الوفاء بالتكليف أيا كان التكليف ، ومن ناحية الأهلية للملك والتصرف الإقتصادي يتساويان ، ومن مساواة في التملك والكسب.
وأعطاها القرآن مكانة عالية في المخاطبة التشريعية قرنت بالذكر ، وفي التكليف تتساوى مع الرجل .. إلّا فيما يتعلق بفطرتها الأساسية (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى) .. كما أعطاها الإمكانيات التي تخولها بحفظ جميع حقوقها الأجتماعية في جميع الميادين التي تتفق وكيانها الخاص!
وها هو التاريخ يشهد كيف كان نبي الأسلام (ص) يحترم المرأة ، ليبين للناس المكانة العظيمة للمرأة في المجتمع الأنساني ، وليؤكد أنها إن لم تكن أفضل من الرجل فهي ليست بأقل منه ، فقد بذل (ص) جهدا متناهيا في رفع مستوى المرأة التي تعيش في عصره ، والتي كانت تحمل تبعات اضطهاد الماضي وعقده ، وفي تحسين نظرة الناس إليها ، فقد اعتبر أنّ «خير الأولاد البنات» وأنّ «المرأة محبّبة عنده مع الصلاة»
__________________
(١) سورة آل عمران : الآية ١٩٥.
(٢) سورة الكوثر : الآيات ١ ، ٢ ، ٣.