فهم الذين حفظوا القرآن وفسّروا آياته ، كيلا يجهل الناس آيات القرآن ـ سواء التشريعية منها أو الفلسفية أو العلمية ـ وإتمام الحجة عليهم.
والجدير بالذكر أنّ أئمة أهل البيت (عليهمالسلام) فسروا القرآن وعرضوه للناس حسب إدراكهم وتحملهم العقلي. ولم يبينوا ما حوى القرآن الكريم من تفاصيل رغم أنهم الراسخون في العلم. كل ذلك مراعاة لعقول الناس ومحدوديتها ، إذ ليس بامكانهم أن تستوعب عقولهم أو تتقبل ما جاء به القرآن الكريم من علوم غزيرة ومعان عميقة.
ولعل المناظرة التي حدثت في مسجد الكوفة عند ما خطب أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليهالسلام) وقال قولته المشهورة : «سلوني قبل أن تفقدوني فلأنا بطرق السماء أعلم مني بطرق الأرض». خير دليل على ما نقول.
روى أحمد بن حنبل في مسنده عن سعيد قال : لم يكن أحد من أصحاب النبي (صلىاللهعليهوآله) يقول : سلوني إلّا علي بن أبي طالب (عليهالسلام).
وقال الغزالي : وهذه الكثرة والسعة والافتتاح في العلم لا يكون إلّا لدني إلهي سماوي.
وروى الثعلبي في تفسير قوله تعالى : (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ). روي من طريقين أنّ المراد بقوله تعالى : (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) هو علي بن أبي طالب. ولا شك أنّ من عنده علم الكتاب قد أحاط بعلم كل شيء لقوله تعالى : (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) وقوله تعالى : (وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ).
قال الشيخ الرئيس : «إنّ أمير المؤمنين مركز الحكمة وفلك الحقيقة وخزانة العقل. ولقد كان بين الصحابة كالمعقول بين المحسوس».
وأذكر أشعار الشعراء في مدحهم إياه (عليهالسلام) بصفة العلم وما يتعلق بها.