بحوثهم ، ولو أنهم حرّروا عقولهم من سلطان الثائر بعواطفهم وانفعالاتهم فإنّهم سوف يسلّمون دون شك بوجود الله. وهذا هو الحل الوحيد الذي يفسّر الحقائق.
فدراسة العلوم بعقل منفتح سوف تقودنا بدون شك إلى إدراك وجود السبب الأول الذي هو الله.
ولقد منّ الخالق على جيلنا وبارك جهودنا العلمية بكشف كثير من الامور حول الطبيعة ، وصار من الواجب على كل إنسان سواء كان من المشتغلين بالعلوم أم من غير المشتغلين بها أن يستفيد من هذه الكشوف العلمية في تدعيم إيمانه بالله.
«ثم بعد سرد البراهين من العلوم التجريبية على حدوث المادة يستمر قائلا» :
ولا يتسع المقام لسرد أدلة اخرى لبيان الحكمة والتصميم والإبداع في هذا الكون ، ولكنني وصلت إلى كثير من هذه الأدلة فيما قمت به من البحوث المحدودة حول أجنّة الحشرات وتطوّرها ، وكلّما استرسلت في دراستي للطبيعة والكون إزداد اقتناعي وقوى إيماني بهذه الأدلة.
فالعمليات والظواهر التي تهتمّ العلوم بدراستها ، ليست إلّا مظاهر وآيات بينات على وجود الخالق المبدع لهذا الكون ، وليس التطور إلا مرحلة من مراحل عملية الخلق.
وبرغم أنّ صيحات الماديين قد حجبت كثيرا من الباحثين الامناء عن الحقيقة ، فإنّ فكرة التطور الخلقي لا يمكن أن تكون منافية للعقيدة الدينية ، بل على النقيض من ذلك نجد من الحماقة والتناقض في الرأي أن يسلّم الإنسان بفكرة التطور ، ويرفض أن يسلّم بحقيقة وجود الخالق الذي أوجد هذا التطور.
لقد عاش منذ عهد أوجستين العظيم في القرن الرابع حتى اليوم كثير ممن آمنوا بالله ، ورفضوا فكرة الخلق بمعنى الصناعة ، وقبلوا فكرة الخلق على أساس التطور.