وهنا يطلب (موسى) من (فرعون) أن يسمح لبني إسرائيل بالرحيل وترك مصر ، ولكن فرعون يرفض ذلك ويثور ، وينزل الله تعالى عليهم الطوفان المدمّر جزاء ذلك ، وعندها يطلب (فرعون) من (موسى) أن يدعو ربه لرفع العذاب ثمنا للموافقة ، ويرفع العذاب ، ويرفض (فرعون) الوفاء بالوعد ، ويأتي العذاب الالهي متعاقبا بصور وأشكال متعددة : كالجراد ، والقمل ، والضفادع.
وفرعون وهامان يرفضان الانصياع والاذعان لتلك الآيات ، فيحول الله ماء النيل إلى دم (فكان القبطي يراه دما ، والاسرائيلي يراه ماء ، فإذا شربه الاسرائيلي كان ماء ، وإذا شربه القبطي يشربه دما ، فجزعوا من ذلك جزعا شديدا ، فقالوا لموسى : لئن رفع عنّا الدم لنرسلنّ معك بني إسرائيل ، ولما رفع عنهم غدروا ولم يخلّو عن بني إسرائيل) (١).
حتى أرسل الله على ـ الفراعنة ـ عذاب الرجز ، فجزعوا وأصابهم الهلع ، وطلبوا من (موسى) أن يدعو ربه لرفع العذاب ، ولما ارتفع أطلقوا سراح بني إسرائيل وأنصارهم ، فاجتمعوا إلى (موسى) الذي أمرهم بالسير والخروج من مصر عبر البحر ، وتجري الرياح بما لا تشتهي السفن ، ويوسوس الشيطان ل (فرعون) وحاشيته ، ويخوفهم من (موسى) وأنصاره حتى يندم (فرعون) على سماحه لبني إسرائيل بالذهاب ، فيجمع جيشا كبيرا تحت قيادته ، ويخرج في طلب (موسى) وقومه.
ولما اقترب (موسى) من البحر ، و (فرعون) من (موسى) قال أصحاب (موسى) : إنّا مدركون ، فأوحى الله إلى (موسى) (أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ) فضربه ، فكان كل فرق كالطود العظيم فتكوّن اثنا عشر طريقا على عدد فرق بني إسرائيل.
ولما وصل (فرعون) وجنوده إلى البحر ادعى كذبا أنّه هو الذي أقام تلك الطرق ، واقتحم أمامهم البحر بفرسه ، وسار جيشه الجرار خلفه ، حتى إذا توسطوا
__________________
(١) قصص الأنبياء : الفصل الرابع ص ٢٦٩.