وعند ما يأتي النبي (موسى) «ع» إلى (فرعون) ويعرض عليه الايمان بالله بأسلوب رباني ، وبآيات بينات ، ومعجزات إلهية ، يرفض (فرعون) ذلك ، لأنّه هو الرب الأعلى ولا ربّ غيره.
(اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى. فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى. وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى. فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى. فَكَذَّبَ وَعَصى. ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى. فَحَشَرَ فَنادى. فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) (١).
ويثور على الرسول الجديد ويستهزئ برسالته السماوية ، ويشكك بها بطريقة مسرحية تدل على أنه مريض بداء جنون العظمة والوسوسة النفسية ، فيقول : (وَقالَ فِرْعَوْنُ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلى إِلهِ مُوسى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكاذِبِينَ. وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنا لا يُرْجَعُونَ) (٢).
ويستمر مخاطبا الحاضرين من حوله : (قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ) (٣) ، أنا الرب الأعلى وأنا المالك والقادر والمعطي : (وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قالَ يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ. أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكادُ يُبِينُ) (٤).
ولكن النبي موسى (ع) يجادله باللين واللطف كما أمر به الله ، وبما يملك من آيات ، وفرعون يرفض ويتهم موسى بأنه ساحر ومخرّب. (قالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ. يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَما ذا تَأْمُرُونَ) (٥).
__________________
(١) سورة النازعات : الآيات ١٧ ـ ٢٤.
(٢) سورة القصص : الآية ٣٨ ـ ٣٩.
(٣) سورة الشعراء : الآية ٢٣.
(٤) سورة الزخرف : الآية ٥١ ـ ٥٢.
(٥) سورة الشعراء : الآية ٣٤ ـ ٣٥.