.................................................................................................
______________________________________________________
بيان الواقع مع ثبوت التكليف به قبيح منه. وعلى هذا الوجه يبتني ما قرّره المصنّف رحمهالله من ورود قاعدة قبح التكليف بلا بيان على قاعدة دفع الضرر المحتمل.
ولكنّك خبير بأنّ مقتضى هذا التقرير معارضة دليل العقل لأدلّة وجوب الاحتياط ، وهو ينافي ما سيصرّح به المصنّف رحمهالله في آخر كلامه من عدم المعارضة بينهما. وبالجملة ، إنّ دعواه ورود دليل العقل على قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل تنافي ما صرّح به في آخر كلامه.
وثانيهما : أنّ التكليف أو العقاب بلا بيان قبيح ، فلا بدّ للشارع إمّا بيان نفس الأحكام الواقعيّة ، وإمّا بيان طريق ظاهري إليها ولو كان هو الاحتياط. وهذا الوجه مبنيّ ـ بعد منع كون مجرّد احتمال التكليف في الواقع كافيا عن البيان ـ على منع دلالة أخبار الاحتياط على وجوبه ، وهو كذلك كما سيجيء إن شاء الله تعالى.
ولكن على هذا التقرير يمكن منع ورود دليل العقل على قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل ، إذ بعد الاعتراف بنهوض هذه القاعدة لإثبات حكم ظاهري كان هذا الحكم الظاهري بيانا ظاهريّا للتكليف المجهول. مضافا إلى ما يرد على المصنّف رحمهالله من أنّ قوله : «لا يكون بيانا للتكليف المجهول» إن أراد به عدم صلوح قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل للدلالة على نفس الحكم المجهول المحتمل فهو مسلّم ، إلّا أنّ القول بوجوب الاحتياط لا يبتني على ذلك ، بل على احتمال العقاب أو ثبوته في الجملة ، كيف وما ادّعاه من قبح العقاب بلا بيان ظاهر في تسليم وجوب الاحتياط مع فرض عدم القبح المذكور.
وإن أراد به عدم صلوحها لرفع قبح العقاب بلا بيان كما هو ظاهره ـ نظرا إلى أنّ هذه القاعدة على تقدير تماميّتها إنّما تثبت حكما ظاهريّا في موردها يترتّب العقاب على مخالفته ، سواء كان في موردها حكم واقعي أم لا ، وبالجملة إنّها إنّما تصلح لدفع القبح المذكور لو كان مقتضاها ثبوت العقاب على مخالفة الواقع لو كان