.................................................................................................
______________________________________________________
في موردها تكليف ، لا ثبوته على مخالفة مودتها مطلقا ـ يرد عليه أنّ حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل إرشادي محض ، لا يترتّب على موافقته ومخالفته سوى ما يترتّب على نفس الواقع ، فمقتضاها على تقدير تماميّتها هو ترتّب العقاب على الواقع لو كان في الواقع تكليف.
ثم إنّ قبح التكليف بلا بيان إنّما هو فيما أمكن فيه البيان من الشارع ولم يبيّنه ، بأن لم يكن له فيه عذر ومانع من البيان وتبليغ الأحكام ، وإلّا فلا ريب في عدم تقبيح العقل للتكليف بلا بيان ، بل بمجرّد احتماله يحكم العقل حينئذ بوجوب الاحتياط وإن لم يصرّح به الشارع.
ومن هنا يندفع ما ربّما يمكن أن يورد على المقام ، من أنّ التكليف بلا بيان إن كان قبيحا لزم عدم وجوب النظر إلى معجزة مدّعي النبوّة ، لأجل أصالة البراءة عن وجوبه ، لفرض عدم وصول البيان من الشارع فيه ، فلزم إفحام الأنبياء عليهمالسلام.
ووجه الاندفاع : ما عرفت من أنّ حكم العقل بقبح التكليف بلا بيان مشروط بإمكان البيان ، وهو متعذّر في المقام ، إذ لو لم يجب النظر إلى المعجزة لا يكون طريق إلى معرفة نبوّة المدّعي لو كان صادقا في الواقع ، إلّا الأخذ بدعواه للنبوّة ، وجوازه موقوف على ثبوت صدقه ونبوّته ، فلو ثبتت نبوّته بقوله لزم الدور ، فلا بدّ حينئذ من النظر للاحتياط كما عرفت. مع أنّ وجوب النظر إنّما هو من باب المقدّمة ، لوجوب تصديق المدّعي لو كان صادقا في دعواه في الواقع ، فالمقصود من نفي وجوب النظر بأصالة البراءة نفي وجوب تصديقه.
وحينئذ نقول : إنّ العمل بالاصول موقوف على الفحص إجماعا ، والفحص في العمل بها في الأحكام إنّما هو عن الأدلّة ، وفي مسألة النبوّة عن معجزاته بالنظر إليها ، فعدم جواز العمل بالأصل إنّما هو لفقد شرطه ، لا لأجل عدم تقبيح العقل للتكليف بلا بيان.
وربّما يظهر من المحكيّ عن الهداية التفصيل في المقام بين ما قبل بسط الشرع