على وجوب إتيان الشاكّ في التكليف بالفعل لاحتمال المطلوبيّة أغنى ذلك من التكليف بنفس الفعل ، وإلّا لم ينفع التكليف المشكوك في تحصيل الغرض المذكور.
والحاصل أنّ التكليف المجهول لا يصلح لكون الغرض منه الحمل على الفعل مطلقا ، وصدور الفعل من الفاعل أحيانا لا لداعي التكليف لا يمكن أن يكون غرضا للتكليف.
واعلم : أنّ هذا الدليل العقلي كبعض ما تقدّم من الأدلّة النقليّة معلّق على عدم تماميّة أدلّة الاحتياط ؛ فلا يثبت به إلّا الأصل في مسألة البراءة ، ولا يعدّ من أدلّتها بحيث يعارض أخبار الاحتياط.
وقد يستدلّ على البراءة بوجوه غير ناهضة : منها : استصحاب البراءة المتيقّنة حال الصغر أو الجنون. وفيه : أنّ الاستدلال مبنيّ على اعتبار الاستصحاب من باب الظنّ ، فيدخل أصل البراءة بذلك في الأمارات الدالّة على الحكم الواقعي دون الاصول المثبتة للأحكام الظاهريّة. وسيجيء عدم اعتبار الاستصحاب من باب الظنّ إن شاء الله. وأمّا لو قلنا باعتباره من باب الأخبار الناهية عن نقض اليقين بالشكّ ، فلا ينفع في المقام ؛ لأنّ الثابت بها (١١٨٦) ترتّب اللوازم المجعولة الشرعيّة (١١٨٧)
______________________________________________________
بالواقع فيها تفصيلا ـ فلا يكون الأمر بالاحتياط فيه مغنيا عن الواقع لا محالة.
١١٨٦. يرد عليه ـ مضافا إلى ما أورده المصنّف رحمهالله عليه ـ منع جريان استصحاب البراءة في مورد قاعدتها ، لكون الشكّ في التكليف علّة تامّة لحكم العقل بعدم التكليف في مقام الظاهر ، وحينئذ لا يبقى شكّ فيه حتّى يجري استصحاب البراءة. وحينئذ تكون قاعدة البراءة حاكمة على استصحابها ، نظير حكومة قاعدة الاشتغال بالنسبة إلى استصحابه. اللهمّ إلّا أن يقال بكون التمسّك بالاستصحاب في المقام مبنيّا على الغضّ عن حكم العقل بقبح التكليف بلا بيان ، أو على ظاهر المشهور من كون اعتبار البراءة من باب الاستصحاب.
١١٨٧. لأنّ قوله عليهالسلام : «لا تنقض اليقين بالشكّ» ليس المراد به النهي عن نقض اليقين بالشكّ ، لانتقاضه به قهرا ، بل المراد به ـ على ما سيجيء في محلّه ـ