.................................................................................................
______________________________________________________
وجوب ذلك في التكاليف المجهولة أغنى ذلك عن الأمر الواقعي ، لكون الغرض المقصود من الأمر الواقعي حاصلا بهذا الأمر الظاهري. وإن لم يقم على وجوبه دليل فمجرّد التكاليف الواقعيّة المشكوكة لا تنفع في تحصيل هذا الغرض ، لأنّه لو جاز التكليف بالمجهول كان الغرض منه حمل المكلّف عليه وإتيانه به مطلقا ولو مع الجهل به ، لأنّ ظاهر التكليف حيث ثبت كون المقصود منه إتيان المكلّف بالمكلّف به على الحال التي وقع عليها ، فالتكليف المشكوك بنفسه لا يفيد الغرض المذكور.
والحاصل : أنّه مع فرض عدم قيام دليل على وجوبه فغاية ما يترتّب على الأمر الواقعي المحتمل هو الإتيان بالفعل أحيانا من باب الاتّفاق أو لداعي احتماله ، لا لداعي إطاعته التفصيليّة ، وهو غير مجد في تحصيل الغرض المقصود منه من حمل المكلّف على الإتيان بالمكلّف به مطلقا ، وهو واضح.
هذا ، ويمكن أن يقال بورود جميع ما ذكره فيما ثبت وجوب الاحتياط فيه ، كما لو تردّد الواجب بين الظهر والجمعة أو بين القصر والإتمام في بعض الموارد ، إذ يمكن أن يقال هنا أيضا : إنّ التكليف بالمجهول لو جاز كان الغرض منه امتثاله مطلقا ، والامتثال التفصيلي متعذّر ، والإجمالي إن قام على وجوبه دليل أغنى هذا الدليل عن التكليف الواقعي ، وإلّا فمجرّد التكليف الواقعي لا ينفع في تحصيل الغرض المذكور. بل يمكن إجراء هذا الكلام في جميع موارد إمكان الاحتياط ، سواء كانت الشبهة بدويّة أم مشوبة بالعلم الإجمالي ، إذ ما ذكر من الوجه يمنع إمكان الاحتياط لا وجوبه. مع أنّ دعوى إغناء الأمر الظاهري بالاحتياط عن الأمر الواقعي متّضحة الفساد ، لوضوح عدم إغناء شيء منهما عن الآخر. أمّا عدم إغناء الأوّل فلكون إمكان الاحتياط متفرّعا على احتمال التكليف الواقعي. وأمّا عدم إغناء الثاني فلأنّه إنّما يسلّم مع إمكان تحصيل الواقع بالعلم التفصيلي ، وأمّا مع عدمه ـ كما في محلّ الفرض من موارد أصالة البراءة ، لفرض عدم إمكان تحصيل العلم