ومنها : أنّ الاحتياط عسر منفي وجوبه (٤٧). وفيه : أنّ تعسّره ليس إلّا من حيث كثرة موارده وهي ممنوعة ؛ لأنّ مجراها عند الأخباريّين موارد فقد النصّ على الحرمة وتعارض النصوص من غير مرجّح منصوص ، وهي ليست بحيث يفضي الاحتياط فيها إلى الحرج ، وعند المجتهدين موارد فقد الظنون الخاصّة ، وهي عند الأكثر ليست بحيث يؤدّي الاقتصار عليها والعمل فيما عداها على الاحتياط إلى الحرج. ولو فرض لبعضهم قلّة الظنون الخاصّة فلا بدّ له من العمل (١١٩٠) بالظنّ الغير المنصوص على حجّيّته حذرا عن لزوم محذور الحرج ، ويتّضح ذلك بما ذكروه في دليل الانسداد الذي أقاموه على وجوب التعدّي عن الظنون المخصوصة المنصوصة ، فراجع.
______________________________________________________
بأنّ للشارع في كلّ واقعة حكما من الأحكام الخمسة. وبعبارة اخرى : إنّ المستصحب إن كان هي البراءة الثابتة في حال الصغر والجنون ، فهي منتقضة بالعلم بخلافها إجمالا على ما عرفت. وإن كان هو عدم الوجوب والحرمة ، فهو معارض باستصحاب عدم الإباحة أيضا ، لكون الشكّ حينئذ في الحادث بعد العلم إجمالا بحدوث شيء.
وقد يذبّ عنه بأنّ المقصود باستصحاب عدم الوجوب والحرمة ليس هو إثبات الإباحة حتّى يرد ما عرفت ، بل المقصود نفي الأثر الزائد المرتّب على ما علم إجمالا ، لأنّه إذا علم حدوث أحد شيئين وكان أحدهما أكثر آثارا من الآخر فالأصل يقتضي نفي الأثر الزائد ، والوجوب والحرمة يختصّان بالنسبة إلى الإباحة بالمعنى الأعمّ بترتّب العقاب على مخالفتهما ، فالأصل يقتضي نفى هذا الأثر ، مع السكوت عن كون الثابت إجمالا هو ما ترتّب عليه هذا الأثر أو غيره.
١١٩٠. مع العمل بالظنّ غير المنصوص على حجيّته تقلّ موارد البراءة أيضا ، وهي موارد فقد الظنّ المطلق ، فلا يلزم من العمل بالاحتياط فيها عسر.