جعفر عن أبيه عن آبائه عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، أنّه قال : «لا تجامعوا في النكاح على الشبهة ، وقفوا عند الشبهة» ـ إلى أن قال ـ : «فإنّ الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة».
وتوهّم ظهور هذا الخبر (١٢٠٠) المستفيض في الاستحباب مدفوع بملاحظة أنّ الاقتحام في الهلكة لا خير فيه أصلا ، مع أن جعله تعليلا لوجوب الإرجاء في المقبولة وتمهيدا لوجوب طرح ما خالف الكتاب في الصحيحة قرينة على المطلوب. فمساقه مساق قول القائل : «أترك الأكل يوما خير من أن امنع منه سنة» ، وقوله عليهالسلام في مقام وجوب (١٢٠١) الصبر حتّى يتيقّن الوقت : «لأن أصلّي بعد الوقت أحبّ إليّ من أن اصلّي قبل الوقت» (١٠) ، وقوله عليهالسلام في مقام التقيّة : «لأن افطر يوما من شهر رمضان فأقضيه أحبّ إليّ من أن يضرب عنقي». ونظيره في أخبار الشبهة قول عليّ عليهالسلام في وصيّته لابنه : «أمسك عن طريق (١٢٠٢) إذا خفت ضلالته ، فإنّ الكفّ عند حيرة الضلال خير من ركوب الأهوال» (١١).
ومنها : موثّقة حمزة بن الطيّار : «أنّه عرض على أبي عبد الله عليهالسلام بعض خطب أبيه عليهالسلام ، حتّى إذا بلغ موضعا منها قال له : كفّ واسكت ، ثمّ قال أبو عبد الله عليهالسلام : إنّه لا يسعكم فيما ينزل بكم ممّا لا تعلمون إلّا الكفّ عنه والتثبّت والرّدّ إلى أئمّة
______________________________________________________
١٢٠٠. لأجل التعبير بلفظ الخير الظاهر في الرجحان المطلق ، ويحمل ما خلا من هذا اللفظ عليه ، نظرا إلى كون الأخبار بعضها كاشفا عن بعض. وحاصل ما أجاب به : كون المراد بالخير مقابل الشرّ بقرينة ما ذكره ، لا ما هو المنساق منه في بادئ النظر.
١٢٠١. هذا وما يأتي من قوله : «وقوله عليهالسلام في مقام التقيّة» عطف على قول القائل.
١٢٠٢. المقصود إيجاب الوقوف في سلوك طريق خيفت ضلالته ، إذا لم يكن في ترك سلوكه مفسدة اخرى أقوى من خوف على نفس أو عرض ، وإلّا فارتكاب الضلال خير من تحمّل هذه المفسدة.