الهدى عليهمالسلام حتّى يحملوكم فيه على القصد ويجلوا عنكم فيه العمى ويعرّفوكم فيه الحقّ ؛ قال الله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)» (١٢).
ومنها : رواية جميل عن الصادق عن آبائه عليهمالسلام : «أنّه قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : الامور ثلاثة : أمر بيّن لك رشده فاتبعه ، وأمر بيّن لك غيّه فاجتنبه ، وأمر اختلف فيه فردّه إلى الله عزوجل» (١٣).
ومنها : رواية جابر عن أبي جعفر عليهالسلام في وصيّته لأصحابه : «إذا اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده وردّوه إلينا حتّى نشرح لكم من ذلك ما شرح الله لنا» (١٤).
ومنها : رواية زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام : «حقّ الله على العباد أن يقولوا ما يعلمون ، ويقفوا عند ما لا يعلمون» (١٥). وقوله عليهالسلام في رواية المسمعيّ الواردة في اختلاف الحديثين : «وما لم تجدوا في شىء من هذه الوجوه فردّوا إلينا علمه فنحن أولى بذلك ، ولا تقولوا فيه بآرائكم ، وعليكم الكفّ والتثبّت والوقوف وأنتم طالبون باحثون حتّى يأتيكم البيان من عندنا» (١٦) إلى غير ذلك ممّا ظاهره وجوب التوقّف.
والجواب : أنّ بعض هذه الأخبار (١٢٠٣) مختصّ بما إذا كان المضيّ في الشبهة اقتحاما في الهلكة ، ولا يكون ذلك إلّا مع عدم معذوريّة الفاعل (*) ؛ لأجل القدرة على إزالة الشبهة بالرجوع إلى الإمام عليهالسلام أو إلى الطرق المنصوبة منه عليهالسلام ، كما هو ظاهر
______________________________________________________
١٢٠٣. حاصل ما ذكره : أنّ بعض هذه الأخبار ظاهر في وجوب التوقّف ، إلّا أنّ مورده خارج ممّا نحن فيه. وبعضها ظاهر في استحبابه ، فلا يفيد المطلوب. والكلمة الجامعة في الجواب عن الجميع كون الأمر فيها للإرشاد والتخويف عن الهلكة المحتملة ، فلا تفيد الوجوب الشرعيّ الذي يترتّب على موافقته ومخالفته الثواب والعقاب ، فلا يثبت به وجوب الاحتياط شرعا ولو ظاهرا. وأمّا من حيث احتمال الوقوع في الهلكة ، فإن كانت الهلكة المحتملة هو العقاب الاخروي فالتوقّف والاحتياط حينئذ وإن كان واجبا ، إلّا أنّ الأمر به للإرشاد إلى التحرّز عن هذه
__________________
(*) في بعض النسخ : بدل «الفاعل» ، الجاهل.