المقبولة وموثّقة حمزة بن الطيار ورواية جابر ورواية المسمعيّ. وبعضها وارد في مقام النهي عن ذلك ؛ لاتّكاله في الامور العمليّة (*) على الاستنباطات العقليّة الظنّية أو لكون المسألة من الاعتقاديّات كصفات الله تعالى ورسوله والأئمة صلوات الله عليهم كما يظهر من قوله عليهالسلام في رواية زرارة : «لو أنّ العباد إذا جهلوا وقفوا ولم يجحدوا لم يكفروا» ، والتوقّف في هذه المقامات واجب. وبعضها ظاهر في الاستحباب ، مثل قوله عليهالسلام : «أورع الناس من وقف عند الشبهة» ، وقوله عليهالسلام : «لا ورع كالوقوف عند الشبهة» (١٧) ، وقول أمير المؤمنين عليهالسلام : «من ترك ما اشتبه عليه من الإثم فهو لما استبان له أترك. والمعاصي حمى الله ، فمن يرتع حولها يوشك أن يدخلها» (١٨) ، وفي رواية النعمان بن بشير قال : «سمعت رسول الله يقول : لكلّ ملك حمى ، وحمى الله حلاله وحرامه ، والمشتبهات بين ذلك. لو أنّ راعيا رعى إلى جانب الحمى لم يثبت غنمه أن يقع في وسطه ، فدعوا المشتبهات» (١٩) ، وقوله صلىاللهعليهوآله : «من اتّقى الشبهات فقد استبرأ لدينه».
______________________________________________________
الهلكة ، فلا يترتّب عليه سوى الوقوع فيها أحيانا. وإن كانت مفسدة اخرى سوى العقاب الاخروي ، فالتوقّف والاحتياط حينئذ مستحبّ ، والأمر به أيضا للإرشاد. وعلى كلّ تقدير ، فهذه الأوامر بأسرها للإرشاد ، لا يترتّب عليها سوى ما يترتّب على نفس مخالفة الواقع ، فلا يثبت بها وجوب التوقّف والاحتياط شرعا كما هو المدّعى.
وأنت خبير بأنّ التوقّف من حيث القول والفتوى إمّا هو المراد بهذه الأخبار كما فهمه جماعة ، أو داخل في المراد منها ، بناء على شمولها له وللتوقّف من حيث العمل الذي مرجعه إلى وجوب الاحتياط. ولا ريب في كون التوقّف من حيث القول والفتوى واجبا نفسيّا ، إذ لا إشكال في حرمة الفتوى في الشبهة على جميع أقسامها ، سواء كانت مطابقة للواقع أم مخالفة له. وحينئذ لا يصحّ حمل الأمر فيها
__________________
(*) في بعض النسخ : بدل «العمليّة» ، العلميّة.