يشمله أخبار التوقّف ، فإذا وجب التوقّف هنا وجب فيما لا نصّ فيه بالإجماع المركّب ، فتأمّل.
مع أنّ جميع موارد الشبهة (١٢١٤) التي أمر فيها بالتوقّف ، لا تخلو عن أن يكون شيئا محتمل الحرمة ، سواء كان عملا أم حكما أم اعتقادا ، فتأمّل. والتحقيق في الجواب ما ذكرنا.
الثالثة : ما دلّ على وجوب الاحتياط ، وهي كثيرة : منها : صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج : «قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام عن رجلين أصابا صيدا وهما محرمان ،
______________________________________________________
١٢١٤. حاصله : منع كون قوله عليهالسلام : «كلّ شيء مطلق» أخصّ مطلقا من أخبار التوقّف ، بدعوى كون موارد الشبهة فيها أيضا هو مشتبه الحكم ، غاية الأمر أن يكون هذا إمّا من جهة احتمال حرمة العمل كما في الأفعال المحتملة لها ، وإمّا من جهة احتمال حرمة الحكم ، كالحكم بإباحة محتمل الوجوب ، وإمّا من جهة احتمال حرمة الاعتقاد ، كما في أوصافه سبحانه والنبيّ والأئمّة صلوات الله عليهم أجمعين ، إذا لم يرد فيها نصّ من الشارع. وعلى هذا تكون النسبة بين قوله عليهالسلام : «كلّ شيء مطلق» وأخبار التوقّف هو التباين.
ولعلّ الأمر بالتأمّل إشارة إلى أنّه إذا شكّ في وجوب دعاء رؤية الهلال مثلا ، فهو بنفسه قضيّة قد وقع الشكّ فيها ، والشكّ في حرمة الإفتاء باستحبابه ـ من حيث كون الافتاء عملا من الأعمال ـ قضيّة اخرى كذلك ، وكون الثانية موردا لكلّ من أخبار البراءة والتوقّف لا يستلزم كون الاولى أيضا كذلك ، حتّى يقال بكون النسبة على وجه التباين. أو إشارة إلى كون حرمة الإفتاء معلومة ، حيث لا دليل على جوازها ، لكونها تشريعا محرّما بالأدلّة الأربعة ، فلا تكون موردا للشبهة. أو إشارة إلى كون الأمر في الإفتاء دائرا بين الوجوب والحرمة ، لا بين الحرمة وغير الوجوب ، كما هو محلّ الكلام. وإلى الوجهين الأخيرين قد أشار عند الردّ على من تمسّك بأصالة البراءة لإثبات جواز العمل بالظنّ ، فتدبّر.